[ ص: 278 ] المسألة الثالثة والعشرون
>[1]
اختلفوا في
المخاطب هل يمكن دخوله في عموم خطابه لغة أو لا ؟ والمختار دخوله ، وعليه اعتماد الأكثرين وسواء كان خطابه العام أمرا أو نهيا أو خبرا .
أما في قوله - تعالى - : (
وهو بكل شيء عليم ) ، فإن اللفظ بعمومه يقتضي كون كل شيء معلوما لله ، تعالى ، وذاته وصفاته أشياء فكانت داخلة تحت عموم الخطاب .
والأمر فكما لو قال السيد لعبده : من أحسن إليك فأكرمه ، فإن خطابه لغة يقتضي إكرام كل من أحسن إلى العبد .
فإذا أحسن السيد إليه صدق عليه أنه من جملة المحسنين إلى العبد ، فكان إكرامه على العبد لازما بمقتضى عموم خطاب السيد .
وكذلك في النهي كما إذا قال له : من أحسن إليك فلا تسئ إليه ، وهذا في الوضوح غير محتاج إلى الإطناب فيه .
فإن قيل : ما ذكرتموه يمتنع العمل به للنص والمعنى ، أما النص فقوله - تعالى - : (
الله خالق كل شيء ) وذاته وصفاته أشياء وهو غير خالق لها ، ولو كان داخلا في عموم خبره لكان خالقا لها ، وهو محال .
وأما المعنى فإن السيد إذا قال لعبده : من دخل داري فتصدق عليه بدرهم ، ولو دخل السيد ، فإنه يصدق عليه أنه من الداخلين إلى الدار ، ومع ذلك لا يحسن أن يتصدق عليه العبد بدرهم .
ولو كان داخلا تحت عموم أمره لكان ذلك حسنا .
قلنا : أما الآية فإنها بالنظر إلى عموم اللفظ تقتضي كون الرب - تعالى - خالقا لذاته وصفاته ، غير أنه لما كان ممتنعا في نفس الأمر عقلا كان مخصصا لعموم الآية ، ولا منافاة بين دخوله في العموم بمقتضى اللفظ وخروجه عنه بالتخصيص
>[2] .
، وكذلك الحكم فيما ذكروه من المثال ، فإنه بعمومه مقتض للتصدق على السيد عند دخوله ، غير أنه بالنظر إلى القرينة الحالية والدليل المخصص امتنع ثبوت حكم العموم في حقه ، ولا منافاة كما سبق .