[ ص: 21 ] المسألة السادسة
اللفظ الوارد إذا أمكن حمله على ما يفيد معنى واحدا ، وعلى ما يفيد معنيين . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي وجماعة من الأصوليين : هو مجمل لتردده بين هذين الاحتمالين
والذي عليه الأكثر أنه ليس بمجمل ، بل هو ظاهر فيما يفيد معنيين .
وهذا هو المختار .
وقبل الخوض في الحجاج لا بد من تلخيص محل النزاع .
فنقول : اللفظ الوارد ، إما أن يظهر كونه حقيقة فيما قيل من المحملين مع اختلافهما أو كونه حقيقة في أحدهما ، مجازا في الآخر ، أو لم يظهر أحد الأمرين : فإن كان من القسم الأول أو الثاني ، فلا معنى للخلاف فيه .
أما الأول : فلتحقق إجماله .
وأما الثاني : فلتحقق الظهور في أحد المحملين : وإنما النزاع في القسم الثالث ، ويجب اعتقاد نفي الإجمال فيه للإجمال والتفصيل : أما الإجمال فما تقدم في المسألة المتقدمة .
وأما التفصيل فهو أن الكلام إنما وضع للإفادة ، ولا سيما كلام الشارع .
ولا يخفى أن ما يفيد معنيين أكثر في الفائدة فيجب اعتقاد كون اللفظ ظاهرا فيه .
فإن قيل : هذا الترجيح معارض بترجيح آخر ، وهو أن الغالب من الألفاظ الواردة هي المفيدة لمعنى واحد بخلاف المفيد لمعنيين .
وعند ذلك فاعتقاد إدراج ما نحن فيه تحت الأعم الأغلب أغلب .
قلنا : يجب اعتقاد الترجيح فيما ذكرناه ، وذلك لأنه لا يخلو ، إما أن يقال بالتساوي بين الاحتمالين أو التفاوت .
القول بالتساوي يلزم منه تعطيل دلالة اللفظ وامتناع العمل به مطلقا ، إلى حين قيام الدليل ، وذلك على خلاف الأصل .
وإن قيل بالتفاوت والترجيح ، فإما أن يكون فيما يفيد معنى واحدا ، أو فيما يفيد معنيين : لا سبيل إلى الأول ، إذ القائل قائلان : قائل يقول بالإجمال ، ففيه نفي الترجيح عن المعنيين ، وقائل يقول بأنه ظاهر راجح فيما يفيد معنيين دون ما يفيد معنى واحدا ، فقد وقع الاتفاق على نفي الترجيح فيما يفيد معنى واحدا ، فتعين الترجيح لما يفيد معنيين .