ص - [ والمحكوم عليه فيها ] إما جزئيا معينا أو لا . صارت أربعة : شخصية ، وجزئية محصورة ، وكلية ، ومهملة . كل منها موجبة وسالبة . والمتحقق في المهملة الجزئية فأهملت .
وبيانه أن الجزء الأول فيها ، أي المحكوم عليه في القضية الحملية ، إما أن يكون جزئيا معينا ، أي مشخصا - واحترز به عن الإضافي - أو كليا . والأول تسمى : " شخصية " . كقولنا : هذه الصلاة صحيحة .
والثاني إما أن يكون الحكم فيها على ما صدق عليه الكلي من الأفراد أو على نفس الكلي .
والأول إما أن يبين فيها أن الحكم على كل الأفراد أو بعضها ، أو لم يبين . [ ص: 89 ] فإن بين تسمى : " جزئية محصورة " إن كان الحكم على البعض . وسورها - وهو : اللفظ الدال على كمية أفراد المحكوم عليه - " بعض " و " واحد " إن كانت موجبة كقولنا : [ بعض العبادة وضوء ] . و " ليس بعض " و " بعض ليس " و " ليس كل " إن كانت سالبة ، كقولنا : بعض العبادة ليس بوضوء .
وإن كان الحكم على كل الأفراد ، تسمى : " قضية كلية " . وسورها " كل " إن كانت موجبة ، كقولنا : كل وضوء عبادة .
و " لا شيء " و " لا واحد " و " ليس كل " إن كانت سالبة ، كقولنا : لا شيء من الوضوء بعبادة .
وإن لم يبين فيها الحكم على ما صدق عليه الكلي من الأفراد أو على بعضه ، تسمى : " مهملة " . كقولنا : الإنسان في خسر .
والثاني : هو أن يكون الحكم على نفس مفهوم الكلي ، لا على ما صدق عليها من الأفراد - تسمى : " طبيعية " إن كان الحكم على نفس مفهوم الكلي ، من غير قيد العموم . كقولنا : الإنسان جوهر .
وتسمى : " عامة " إن كان الحكم فيها على نفس المفهوم بقيد العموم ، كقولنا : الإنسان نوع . فإن النوع إنما يصدق على الإنسان بقيد العموم .
[ ص: 90 ] ولما لم يكن البحث فيهما ، أعني في القضية [ الطبيعية ] والعامة ، مفيدا ولهذا لم يتعرض لها في أحكام القضايا من العكوس والتناقض وغيرهما - أعرض المصنف عن ذكرهما في هذا التقسيم . فيبقى أربع قضايا : شخصية ، وجزئية محصورة ، وكلية ومهملة .
وكل واحدة منها إما موجبة ، إن حكم فيها بثبوت أحد الطرفين للآخر . وإما سالبة ، إن حكم فيها برفع هذا الثبوت . فيصير ثمان قضايا .
والمتحقق في المهملة ، الجزئية ، أي يلزم من صدق المهملة ، الجزئية وبالعكس .
أما الأول ; فلأنه مهما صدق الحكم على ما صدق عليه الإنسان من الأفراد يصدق على بعض أفراد الإنسان ; لأن ما صدق عليه الإنسان من الأفراد ، إما كلها أو بعضها .
[ وعلى التقديرين ] يصدق الحكم على البعض ، فيلزم صدق الجزئية . وأما الثاني ; فلأنه مهما صدق الحكم على بعض الإنسان ، صدق على ما صدق عليه الإنسان من الأفراد بالضرورة ، فيلزم صدق المهملة ; فيكون ذكر الجزئية في أحكام القضايا مغنيا عن ذكر المهملة ، فلذلك أهملت في أحكام القضايا ولم يتعرض لها .
[ ص: 91 ] وما قيل : المهملة يحتمل صدقها كلية ، ويحتمل صدقها جزئية . وعلى التقديرين الجزئية متحققة والكلية محتملة .
فلذلك لم يبين فيها الحكم عموما ولا خصوصا ، بل أهملت ، سهوا . وذلك لأن تحقق الجزئية في المهملة واحتمال الكلية فيها بسبب أن الحكم فيها لم يبين عموما ولا خصوصا ، بل أهملت ، فكيف يصح تعليل الإهمال بتحقق الجزئية واحتمال الكلية منها .