ص - الإجماع : العزم والاتفاق . وفي الاصطلاح : اتفاق المجتهدين من هذه الأمة في عصر على أمر .
ومن يرى انقراض العصر - يزيد " إلى انقراض العصر " .
ومن يرى أن الإجماع لا ينعقد مع سبق خلاف مستقر من ميت أو حي ، وجوز وقوعه - يزيد " لم يسبقه خلاف مجتهد مستقر " .
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي ، - رحمه الله - : اتفاق أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - على أمر من الأمور الدينية . ويرد عليه أنه [ يوجد ] ولا يطرد بتقدير عدم المجتهدين ، ولا ينعكس بتقدير اتفاقهم على عقلي أو عرفي .
ش - لما فرغ من السنة شرع في الإجماع ، وذكر فيه مقدمة واثنتين وعشرين مسألة .
أما المقدمة ففي تعريفه ، وإثباته ، وإثبات العلم به ، وفي كونه حجة .
والإجماع في اللغة : العزم . قال الله تعالى : فأجمعوا أمركم أي اعزموا . [ ص: 522 ] والاتفاق . يقال أجمعوا على كذا ، أي اتفقوا .
وفي اصطلاح العلماء هو ما ذكره المصنف . ف " الاتفاق " كالجنس ، ونعني به الاشتراك ، إما في الاعتقاد ، أو القول ، أو الفعل ، أو إطباق بعضهم على الاعتقاد وبعضهم على القول ، أو الفعل الدالين على الاعتقاد .
وبقولنا : " المجتهدين " يخرج عنه اتفاق غيرهم من المقلدين .
وبقولنا : " هذه الأمة " نعني أمة محمد - عليه السلام - ، يخرج اتفاق المجتهدين من الأمم السالفة .
وبقولنا : " في عصر " يدخل اتفاق مجتهدي كل عصر ، فإنه إجماع ; إذ لا يشترط في الإجماع اتفاق هذه الأمة في كل الأعصار . ويخرج اتفاق بعض المجتهدين في عصر .
وإنما قال : " في أمر " ليدخل فيه الإثبات والنفي ، والقول ، والفعل الشرعي والعقلي والعرفي .
وهذا التعريف لمن لا يشترط في الإجماع انقراض أهل العصر ، وقال : إن الإجماع ينعقد مع سبق خلاف مستقر من ميت أو حي .
أما من اشترط انقراض أهل العصر فينبغي أن يزيد في الحد . " إلى انقراض العصر " ليوافق مذهبه .
ومن قال : إن الإجماع لا ينعقد مع سبق خلاف مستقر من ميت أو حي ، أي اتفاق أهل العصر الثاني على أحد قولي أهل العصر الأول بعد استقرار خلافهم ، لا ينعقد إجماعا ، وجوز وقوع هذا الاتفاق [ ص: 523 ] بعد استمرار الخلاف من أهل العصر الأول ، يزيد " لم يسبقه خلاف مجتهد مستقر " ليخرج عن الحد اتفاق أهل العصر الثاني ، ليكون التعريف مطابقا لمذهبه .
ومن لم يجوز وقوع هذا الاتفاق من أهل العصر الثاني بعد استقرار الخلاف بين أهل العصر الأول ، لم يحتج إلى زيادة هذا القيد ; لأن القيد لا يزاد في التعريف لخروج غير المحدود [ من الممتنعات ] .
وحد nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي - رحمه الله - الإجماع بأن اتفاق أمة محمد - عليه السلام - على أمر من الأمور الدينية .
وزيفه المصنف بأنه يرد عليه [ أن ] لا يوجد إجماع أصلا ; لأنه اعتبر اتفاق أمة محمد ، - عليه السلام - ، وهي تتناول جميع المسلمين إلى يوم القيامة ، [ و ] لا يتصور اجتماعهم .
وعلى تقدير تخصيص الأمة بالموجودين منهم في عصر ، لا يطرد الحد ، بتقدير عدم المجتهدين في عصر . فإن اتفاق أهل العصر الحال عن المجتهدين على أمر ديني داخل في حده ، وليس بإجماع ; إذ لا اعتداد بقول العوام .
وأيضا لا ينعكس التعريف المذكور بتقدير اتفاق المجتهدين على أمر [ ص: 524 ] عقلي أو عرفي ; لأن حده لا يكون صادقا على مثل هذا الاتفاق ; ضرورة اعتبار قيد " الدينية " تعريفه . وهو إجماع .
ويمكن أن يدفع بالعناية بأنه أراد ب " أمة محمد " الموجودين في عصر واحد . فإن أمة محمد - عليه السلام - كما يجوز إطلاقه على الموجودين إلى يوم القيامة ، يجوز إطلاقه على الموجودين في عصر واحد .
وأراد ب " الأمة " المجتهدين ; لأنهم في محل الاعتبار . وإنما أتى بلفظ " الأمة " دون " المجتهدين " ليكون موافقا لما في القرآن والأحاديث الدالة على كون الإجماع حجة . نحو : وكذلك جعلناكم أمة وسطا . " nindex.php?page=hadith&LINKID=926874لا تجتمع أمتي على الضلالة " .
[ ص: 525 ] وحد nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي للإجماع الشرعي ، فلا يكون اتفاق أمة محمد على أمر عقلي أو عرفي إجماعا عنده . فلم يلزم عدم الانعكاس .