والذين استدلوا بالسمعي فقد اختلفوا فيه . فعند الأكثر منهم لا يشترط . واحتجوا بأن دليل السمع على حجية الإجماع ، مثل قوله تعالى : [ ص: 574 ] ويتبع غير سبيل المؤمنين ، وقوله - عليه السلام - : " لا تجتمع أمتي على الخطأ " عام يتناول عدد التواتر ودونه ; لأن " الأمة " و " المؤمنين " أعم منهما ، ولم يظهر مخصص ، فيجرى على عمومه .
وعند بعض منهم يشترط عدد التواتر ; لأنهم إذا لم يبلغوا عدد التواتر لم يعلم إيمانهم بقولهم عن إجماعهم على حكم .
هذا إذا بقي أكثر من واحد ، فأما إذا لم يبق - والعياذ بالله - غير واحد ، فهل قوله حجة ، فيه خلاف : [ ص: 575 ] فقيل ; لأن مضمون الدليل السمعي دل على أن قول الأمة حجة . والأمة كما تطلق على الجماعة تطلق على الواحد . كقوله تعالى : إن إبراهيم كان أمة .
وقيل : ليس بحجة ; لأن الإجماع إنما يتصور عند الاجتماع ، وأقل ما يقع فيه الاجتماع اثنان فصاعدا .
والمذهب الثاني أظهر ; لأن " الأمة " لا تطلق على الواحد إلا مجازا ، والأصل عدمه .