[ ص: 117 ] كتاب الطلاق 1 - السكران كالصاحي [ ص: 118 ] إلا في الإقرار بالحدود الخالصة
[ ص: 117 ] قوله : السكران كالصاحي إلخ .
في المجتبى : واختلفوا في حد السكران فإن كان الأمر على ما ينقل عن أصحابنا ، وهو الذي لا يميز الأرض من السماء ، والرجل من المرأة ، فلا مرية في أن طلاقه وبيعه وعتاقه وحلفه باطل ، وإن كان معه من العقل والتمييز ما يقوم به التكليف والخطاب فهو كالصاحي ، فيصح منه ذلك .
وقلت : هذا تفصيل حسن لا بد من حفظه والناس عنه غافلون ( انتهى )
قال العلامة محمد بن عبد الله التمرتاشي في كتابه معين المفتي : أقول : هو كما ذكر لو كان كلمات عامة الشراح والتصانيف المعتبرة لا تخالفه ، ألا ترى إلى قول الإمام الزيلعي : لأنه لما زال عقله بسبب ، هو معصية ، فيجعل باقيا زاجرا له بخلاف ما إذا زال بالمباح ( انتهى ) .
ومن ثم قال المصنف رحمه الله في البحر : بعد كلام ، والحاصل أن المعتمد في المذهب ، أن السكران الذي لا يصح منه التصرفات هو من لا عقل له يميز به الرجل من المرأة ، ولا السماء من الأرض ، وبه يبطل قول من ادعى أن الخلاف فيه إنما هو فيه بمعنى عكس الاستحسان والاستقباح ، مع تميزه الرجل من المرأة ، والعجب ما صرح به في بعض العبارات من أنه من معه من العقل ما يقوم به التكليف .
ولا شك أنه على هذا التقرير لا يتجه لأحد أن يقول : إنه لا يصح تصرفاته
ثم اعلم أن ظاهر كلام المصنف رحمه الله ، أنه لو زوج بنته الصغيرة ونقص من مهر مثلها نقصانا فاحشا جاز ، وليس كذلك كما سيأتي وظاهره أيضا ، أنه لا فرق بين أن يكون سكره من الخمر أو الأشربة المتخذة من الحبوب والفواكه والعسل ، وفي ذلك اختلاف والمختار ، أنه ليس كالصاحي لعدم الحد فلا تنفذ تصرفاته كما لا تنفذ تصرفات من زال عقله بالبنج
كما في البحر للمصنف رحمه الله وفي الفتاوى الظهيرية : السكران من الخمر والأشربة المتخذة من التمر والزبيب نحو النبيذ المثلث وغيرهما ، عندنا ينفذ تصرفاته كالطلاق والعتاق ، والإقرار بالدين والعين وتزويج الصغير والصغيرة ، والإقراض والاستقراض والهبة والصدقة إذا قبضها الموهوب له ، والمتصدق عليه ، وبه أخذ عامة المشايخ .
وعن [ ص: 118 ] أبي بكر بن أحمد أنه قال : ينفذ من السكران كل ما ينفذ مع الهزل ولا يبطله الشرط فلا ينعقد منه البيع والشراء ( انتهى ) .
وظاهر كلامه أيضا أن تصرفات من سكر بالبنج نافذة ; لأنه داخل تحت عموم السكران ، وليس كذلك على ما صححه في الخانية ، فيقيد كلامه بالسكران من غير البنج ، وفي تصحيح القدوري للعلامة قاسم نقلا عن الجواهر : في هذا الزمان إذا سكر من البنج يقع طلاقه زجرا وعليه الفتوى .
وفي النهاية : الفتوى على أنه يحد شاربه لفشو هذا الفعل في هذا الزمان فيما بين الناس ( انتهى ) .
وفي البزازية : أن من شرب البنج إن كان يعلم حين شربه أنه ما هو فطلق امرأته يقع ، وإن لم يعلم لا .
قال nindex.php?page=showalam&ids=16808قاضي خان : والصحيح أنه لا يقع على كل حال ; لأنه شرب للدواء والتعليل ينادي بحرمته لا للدواء ، ولو من الأشربة من الحبوب والعسل فسكر ; المختار في زماننا لزوم الحد ، لأن الفساق يجتمعون عليه وكذا المختار : وقوع الطلاق ; لأن الحد يحتال لدرئه والطلاق يحتاط فيه ، فلما وجب ما يحتال ; لأن يقع ما يحتاط أولى ، وقد طالب صدر الإسلام البزدوي بالفرق بينه وبين السكر من المباح كالمثلث فعجز ، ثم قال : وجدت نصا صريحا على لزوم الحد ( انتهى ) .
وعليه فلا يحتاج كلام المصنف إلى التقييد ، وهذا ظاهر ينبغي اعتماده
وقد صرح الحدادي بحرمة أكل البنج فيظهر الزجر فيه لذلك ، والجواب عند المصنف رحمه الله فيما عدا هذا أنه أطلق اعتمادا على ما يأتي في أحكام السكران . ( 2 )
قوله : إلا في الإقرار إلخ .
فلا يكون كالصاحي لزيادة احتمال الكذب في إقراره ، فيحتال لدرء الحد ; لأنه خالص حق الله تعالى ، ويفهم من تقييده الحدود بالخالصة أن في إقراره بحد القذف يكون كالصاحي .
وبه صرح في العمادية فقال : وإذا أقر بشيء من الحدود لم يحد إلا في حد القذف ، يعني لأن فيه حق العبد ، والسكران في حق العبد كالصاحي