[
الحكمة من إبقاء أهل الكتاب بين أظهرنا ]
قالوا : ولله تعالى حكم في إبقاء أهل الكتابين بين أظهرنا فإنهم مع كفرهم شاهدون بأصل النبوات والتوحيد واليوم الآخر والجنة والنار ، وفي كتبهم من البشارات بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر نعوته وصفاته وصفات أمته ما هو من آيات نبوته وبراهين رسالته ، وما يشهد بصدق الأول والآخر .
وهذه الحكمة تختص بأهل الكتاب دون عبدة الأوثان فبقاؤهم من
[ ص: 97 ] أقوى الحجج على منكر النبوات والمعاد والتوحيد ، وقد قال تعالى لمنكري ذلك :
فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ، ذكر هذا عقب قوله :
وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ، يعني : سلوا أهل الكتاب هل أرسلنا قبل محمد رجالا يوحى إليهم أم كان محمد بدعا من الرسل لم يتقدمه رسول حتى يكون إرساله أمرا منكرا لم يطرق العالم رسول قبله ؟
وقال تعالى :
واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ، والمراد بسؤالهم سؤال أممهم عما جاءوهم به هل فيه أن الله شرع لهم أن يعبد من دونه إله غيره ؟
قال
الفراء : المراد سؤال أهل التوراة والإنجيل فيخبرونه عن كتبهم وأنبيائهم .
[ ص: 98 ] وقال
ابن قتيبة : التقدير واسأل من أرسلنا إليهم رسلا من قبلك وهم أهل الكتاب .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : التقدير وسل من أرسلنا من قبلك .
وعلى كل تقدير ، فالمراد التقرير لمشركي قريش وغيرهم ممن أنكر النبوات والتوحيد ، وأن الله أرسل رسولا أو أنزل كتابا أو حرم عبادة الأوثان .
فشهادة أهل الكتاب بهذا حجة عليهم وهي من أعلام صحة رسالته - صلى الله عليه وسلم - إذ كان قد جاء على ما جاء به إخوانه الذين تقدموه من رسل الله سبحانه ، ولم يكن بدعا من الرسل ولا جاء بضد ما جاءوا به ، بل أخبر بمثل ما أخبروا به من غير شاهد ولا اقتران في الزمان وهذه من أعظم آيات صدقه .