فإن قيل : إذا حكمتم باستحالة الإيجاد من العبد ، فإذا لا فعل للعبد أصلا ؟ قيل : العبد فاعل لفعله حقيقة ، وله قدرة حقيقة . قال تعالى :
وما تفعلوا من خير يعلمه الله [ البقرة : 197 ] .
فلا تبتئس بما كانوا يفعلون [ هود : 124 ] وأمثال ذلك .
وإذا ثبت كون العبد فاعلا ، فأفعاله نوعان :
نوع يكون منه من غير اقتران قدرته وإرادته ، فيكون صفة له ولا يكون فعلا ، كحركات المرتعش .
ونوع يكون منه مقارنا لإيجاد قدرته واختياره ، فيوصف بكونه صفة وفعلا وكسبا للعبد ، كالحركات الاختيارية . والله تعالى هو الذي جعل العبد فاعلا مختارا ، وهو الذي يقدر على ذلك وحده لا شريك له . ولهذا أنكر السلف الجبر ، فإن الجبر لا يكون إلا من عاجز ، فلا يكون إلا مع
[ ص: 651 ] الإكراه ، يقال : للأب ولاية إجبار البكر الصغيرة على النكاح ، وليس له إجبار الثيب البالغ ، أي : ليس له أن يزوجها مكرهة .