قوله : ( ونثبت الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أولا
nindex.php?page=showalam&ids=1لأبي بكر الصديق رضي الله عنه ، تفضيلا له وتقديما على جميع الأمة ) .
ش : اختلف أهل السنة في
خلافة الصديق رضي الله عنه : هل كانت بالنص ، أو بالاختيار ؟ فذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري وجماعة من أهل الحديث
[ ص: 699 ] إلى أنها ثبتت بالنص الخفي والإشارة ، ومنهم من قال بالنص الجلي . وذهب جماعة من أهل الحديث
والمعتزلة والأشعرية إلى أنها ثبتت بالاختيار .
والدليل على إثباتها بالنص أخبار :
من ذلك ما أسنده
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=67جبير بن مطعم ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964528أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمرها أن ترجع إليه ، قالت : أرأيت إن جئت فلم أجدك ؟ كأنها تريد الموت ، قال : إن لم تجديني فأتي أبا بكر . وذكر له سياقا آخر ، وأحاديث أخر . وذلك نص على إمامته .
وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بن اليمان ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964529اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر . رواه أهل السنن .
وفي الصحيحين عن
عائشة رضي الله عنها وعن أبيها ، قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964530دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بدئ فيه ، فقال : ادعي لي أباك وأخاك ، حتى أكتب لأبي بكر كتابا ، ثم قال : يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر .
وفي رواية :
فلا يطمع في هذا الأمر طامع .
[ ص: 700 ] وفي رواية : قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964532ادعي لي nindex.php?page=showalam&ids=72عبد الرحمن بن أبي بكر ، لأكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه ، ثم قال . معاذ الله أن يختلف المؤمنون في أبي بكر .
وأحاديث تقديمه في الصلاة مشهورة معروفة ، وهو يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964533مروا أبا بكر فليصل بالناس .
وقد روجع في ذلك مرة بعد مرة ، فصلى بهم مدة مرض النبي صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 701 ] وفي الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964534سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : بينا أنا نائم رأيتني على قليب ، عليها دلو ، فنزعت منها ما شاء الله ، ثم أخذها nindex.php?page=showalam&ids=1ابن أبي قحافة ، فنزع منها ذنوبا أو ذنوبين ، وفي نزعه ضعف ، والله يغفر له ، ثم استحالت غربا ، فأخذها ابن الخطاب ، فلم أر عبقريا من الناس يفري فريه ، حتى ضرب الناس بعطن . [ ص: 702 ] وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال على منبره :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964535لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، لا يبقين في المسجد خوخة إلا سدت ، إلا خوخة أبي بكر .
وفي سنن
أبي داود وغيره ، من حديث
الأشعث عن
الحسن عن
أبي بكرة ، nindex.php?page=hadith&LINKID=964536أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم : من رأى منكم رؤيا ؟ فقال رجل أنا : رأيت [ كأن ] ميزانا أنزل من السماء ، فوزنت أنت وأبو بكر ، فرجحت أنت بأبي بكر ، ثم وزن عمر وأبو بكر ، فرجح أبو بكر ، ووزن عمر وعثمان ، فرجح عمر ، ثم رفع [ الميزان ] ، فرأيت الكراهة في وجه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : خلافة نبوة ، ثم يؤتي الله الملك من يشاء .
فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن ولاية هؤلاء خلافة نبوة ، ثم بعد ذلك ملك .
وليس فيه ذكر
علي رضي الله عنه ، لأنه لم يجتمع الناس في
[ ص: 703 ] زمانه ، بل كانوا مختلفين ، لم ينتظم فيه خلافة النبوة ولا الملك .
وروى
أبو داود أيضا عن
جابر رضي الله عنه ، أنه كان يحدث ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964537رأى الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونيط عمر بأبي بكر ، ونيط عثمان بعمر ، قال جابر : فلما قمنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلنا : أما الرجل الصالح فرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأما المنوط بعضهم ببعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه .
وروى أبو داود أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=24سمرة بن جندب : أن رجلا قال : يا رسول الله ، رأيت كأن دلوا دلي من السماء ، فجاء أبو بكر فأخذ بعراقيها ، فشرب شربا ضعيفا ، ثم جاء عمر فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع ، ثم [ ص: 704 ] جاء عثمان فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع ، ثم جاء علي فأخذ بعراقيها ، فانتشطت منه ، فانتضح عليه منها شيء .
وعن
سعيد بن جمهان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3571سفينة . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964538خلافة النبوة ثلاثون سنة ، ثم يؤتي الله ملكه من يشاء أو الملك .
واحتج من قال لم يستخلف ، بالخبر المأثور ، عن
عبد الله بن عمر ، عن
عمر رضي الله عنهما ، أنه قال : إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني ، يعني
أبا بكر ، وإن لا أستخلف ، فلم يستخلف من
[ ص: 705 ] هو خير مني ، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وبما روي عن
عائشة رضي الله عنها أنها سئلت من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخلفا لو استخلف .
والظاهر - والله أعلم - أن المراد أنه لم يستخلف بعهد مكتوب ، ولو كتب عهدا لكتبه
لأبي بكر ، بل قد أراد كتابته ثم تركه ، وقال : يأبى الله والمسلمون إلا
أبا بكر .
فكان هذا أبلغ من مجرد العهد ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دل المسلمين على استخلاف
أبي بكر ، وأرشدهم إليه بأمور متعددة ، من أقواله وأفعاله ، وأخبر بخلافته إخبار راض بذلك ، حامد له ، وعزم على أن يكتب بذلك عهدا ، ثم علم أن المسلمين يجتمعون عليه ، فترك الكتاب اكتفاء بذلك ، ثم عزم على ذلك في مرضه يوم الخميس ، ثم لما حصل لبعضهم شك : هل ذلك القول من جهة المرض ؟ أو هو قول يجب
[ ص: 706 ] اتباعه ؟ ترك الكتابة ، اكتفاء بما علم أن الله يختاره والمؤمنون من خلافة
أبي بكر .
[ ص: 707 ] فلو كان التعيين مما يشتبه على الأمة لبينه بيانا قاطعا للعذر ، لكن لما دلهم دلالات متعددة على أن
أبا بكر المتعين ، وفهموا ذلك - حصل المقصود . ولهذا قال
عمر رضي الله عنه ، في خطبته التي خطبها بمحضر من
المهاجرين والأنصار : أنت خيرنا وسيدنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم ينكر ذلك منهم أحد ، ولا قال أحد من الصحابة إن غير
أبي بكر من
المهاجرين أحق بالخلافة منه ، ولم ينازع أحد في خلافته إلا بعض
الأنصار ، طمعا في أن يكون من
الأنصار أمير ومن
المهاجرين أمير ، وهذا مما ثبت بالنصوص المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم بطلانه .
ثم
الأنصار كلهم بايعوا
أبا بكر ، إلا
nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة ، لكونه هو الذي كان يطلب الولاية . ولم يقل أحد من الصحابة قط أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على غير
أبي بكر ، لا
علي ، ولا
العباس ، ولا غيرهما ، كما قد قال أهل البدع !
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12998ابن بطة بإسناده أن
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز بعث
محمد بن الزبير الحنظلي إلى
الحسن ، فقال : هل كان النبي صلى الله عليه وسلم استخلف
أبا بكر ؟ فقال : أو في شك صاحبك ؟ نعم ، والله الذي لا إله إلا هو استخلفه ، لهو كان أتقى لله من أن يتوثب عليها .
[ ص: 708 ] وفي الجملة : فجميع من نقل عنه أنه طلب تولية غير
أبي بكر ، لم يذكر حجة شرعية ، ولا ذكر أن غير
أبي بكر أفضل منه ، أو أحق بها ، وإنما نشأ من حب قبيلته وقومه فقط ، وهم كانوا يعلمون
فضل أبي بكر رضي الله عنه ، وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم له . ففي الصحيحين ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=964539عن nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل ، فأتيته ، فقلت : أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة ، قلت : من الرجال ؟ قال : أبوها ، قلت : ثم من ؟ قال : عمر ، وعد رجالا .
وفيهما أيضا ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964540كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه ، حتى أبدى عن ركبتيه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما صاحبكم فقد غامر ، فسلم ، وقال : إنه كان بيني وبين ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه ، ثم ندمت ، فسألته أن يغفر لي فأبى علي ، فأقبلت إليك ، فقال : يغفر الله لك يا أبا بكر ، ثلاثا ، ثم إن عمر ندم ، فأتى منزل أبي بكر ، فسأل : أثم هو هوهو ؟ فقالوا : لا ، فأتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فسلم عليه ، فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعر ، حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه ، فقال : يا رسول الله ، والله أنا كنت أظلم ، مرتين ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله بعثني إليكم ، فقلتم : كذبت ، وقال أبو بكر : صدقت ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركو لي صاحبي ؟ مرتين ، فما أوذي بعدها .
[ ص: 709 ] ومعنى : غامر : غاضب وخاصم . ويضيق هذا المختصر عن ذكر فضائله .
وفي الصحيحين أيضا ، عن
عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات
وأبو بكر بالسنح - فذكرت الحديث - إلى أن قالت : واجتمعت
الأنصار إلى
nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة ، في
سقيفة بني ساعدة ، فقالوا : منا أمير ، ومنكم أمير ! فذهب إليهم
أبو بكر ، nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر بن الخطاب ، nindex.php?page=showalam&ids=5وأبو عبيدة بن الجراح ، فذهب
عمر يتكلم ، فأسكته
أبو بكر ، وكان
عمر يقول : والله ما أردت بذلك إلا أني هيأت في نفسي كلاما قد أعجلني ، خشيت أن لا يبلغه
أبو بكر ! ثم تكلم
أبو بكر ، فتكلم أبلغ الناس ، فقال في كلامه : نحن الأمراء ، وأنتم الوزراء ، فقال
حباب ابن المنذر : لا والله لا نفعل ، منا أمير ومنكم أمير . فقال
أبو بكر : لا ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء . هم أوسط العرب ، وأعزهم أحسابا ، فبايعوا
عمر ، أو
nindex.php?page=showalam&ids=5أبا عبيدة بن الجراح ، فقال
عمر : بل نبايعك ، فأنت
[ ص: 710 ] سيدنا ، وخيرنا ، وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذ
عمر بيده ، فبايعه ، وبايعه الناس ، فقال قائل : قتلتم
سعدا ، فقال
عمر : قتله الله .
والسنح : العالية ، وهي حديقة
بالمدينة معروفة بها .