وتنوع الكشف والتأثير باعتبار تنوع كلمات الله .
وكلمات الله نوعان : كونية ، ودينية .
فكلماته الكونية هي التي استعاذ بها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964241أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر . قال تعالى :
[ ص: 750 ] إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون [ يس : 82 ] . وقال تعالى :
وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته [ الأنعام : 115 ] . والكون كله داخل تحت هذه الكلمات ، وسائر الخوارق .
والنوع الثاني : الكلمات الدينية ، وهي القرآن وشرع الله الذي بعث به رسوله ، وهي أمره ونهيه وخبره ، وحظ العبد منها العلم بها ، والعمل ، والأمر بما أمر الله به ، كما أن حظ العباد عموما وخصوصا العلم بالكونيات والتأثير فيها ، أي بموجبها . فالأولى تدبيرية كونية ، والثانية شرعية دينية . فكشف الأولى العلم بالحوادث الكونية ، وكشف الثانية العلم بالمأمورات الشرعية .
وقدرة الأولى التأثير في الكونيات ، إما في نفسه كمشيه على الماء ، وطيرانه في الهواء ، وجلوسه في النار ، وإما في غيره ، بإصحاح وإهلاك ، وإغناء وإفقار .
وقدرة الثانية التأثير في الشرعيات ، إما في نفسه بطاعة الله ورسوله والتمسك بكتاب الله وسنة رسوله باطنا وظاهرا ، وإما في غيره بأن يأمر بطاعة الله ورسوله فيطاع في ذلك طاعة شرعية .
فإذا تقرر ذلك ، فاعلم أن عدم الخوارق علما وقدرة لا تضر المسلم في دينه ، فمن لم ينكشف له شيء من المغيبات ، ولم يسخر له شيء من الكونيات - : لا ينقص ذلك في مرتبته عند الله ، بل قد يكون
[ ص: 751 ] عدم ذلك أنفع له ، فإنه إن اقترن به الدين وإلا هلك صاحبه في الدنيا والآخرة ، فإن الخارق قد يكون مع الدين ، وقد يكون مع عدمه ، أو فساده ، أو نقصه .