وأما قوله تعالى :
وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب ( فاطر : 11 ) ، فقد قيل في الضمير المذكور في قوله تعالى :
من عمره أنه بمنزلة قولهم : عندي درهم ونصفه ، أي : ونصف درهم آخر ، فيكون المعنى : ولا ينقص من عمر معمر آخر ، وقيل : الزيادة والنقصان في الصحف التي في أيدي الملائكة ، وحمل قوله تعالى :
لكل أجل كتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ( الرعد : 38 - 39 ) ، على أن المحو والإثبات من الصحف التي في أيدي الملائكة ، وأن قوله :
وعنده أم الكتاب . اللوح المحفوظ . ويدل على هذا الوجه سياق الآية ، وهو قوله :
لكل أجل كتاب ،
[ ص: 132 ] ثم قال :
يمحو الله ما يشاء ويثبت ( الرعد : 39 ) ، أي : من ذلك الكتاب ،
وعنده أم الكتاب ، أي : أصله ، وهو اللوح المحفوظ . وقيل : يمحو الله ما يشاء من الشرائع وينسخه ويثبت ما يشاء فلا ينسخه ، والسياق أدل على هذا الوجه من الوجه الأول ، وهو قوله تعالى :
وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب . فأخبر تعالى أن الرسول لا يأتي بالآيات من قبل نفسه ، بل من عند الله ، ثم قال :
لكل أجل كتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت ( الرعد : 38 - 39 ) ، أي : إن
الشرائع لها أجل وغاية تنتهي إليها ، ثم تنسخ بالشريعة الأخرى ، فينسخ الله ما يشاء من الشرائع عند انقضاء الأجل ، ويثبت ما يشاء . وفي الآية أقوال أخرى ، والله أعلم بالصواب .