( الثالث )
يحرم على العامي الذي ليس بمجتهد تتبع الرخص في التقليد ، ولو قلنا بجواز الانتقال وهو أنه كلما وجد رخصة في مذهب عمل بها ولا يعمل بغيرها في ذلك المذهب ، قال علماؤنا : ويفسق بذلك لأنه لا يقول بإباحة جميع الرخص أحد من علماء المسلمين ، فإن من قال بالرخص في مذهب لا يقول بالرخصة الأخرى في غيره . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332الإمام ابن عبد البر : لا يجوز للعامي تتبع الرخص إجماعا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد - رضي الله عنه - : لو أن رجلا عمل بكل رخصة ؛ يعمل بمذهب
أهل الكوفة في النبيذ ،
وأهل المدينة في السماع ،
وأهل مكة في المتعة لكان فاسقا . وقال
معمر : لو أن رجلا يأخذ بقول
أهل المدينة في السماع - يعني الغناء - وإتيان النساء في أدبارهن ، وبقول
أهل مكة في المتعة والصرف ، وبقول
أهل الكوفة في المسكر ؛ كان أشر عباد الله تعالى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16043سليمان التيمي : لو أخذت برخصة كل عالم - أو قال زلة كل عالم - اجتمع فيك الشر كله . لكن قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى بن الفراء إمام المذهب بعد ذكر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد - رضي الله عنه - المتقدم آنفا : هذا محمول على أحد الوجهين : إما أن يكون من أهل الاجتهاد ولم يؤده اجتهاد إلى الرخص فهذا فاسق ، لأنه ترك ما هو الحكم عنده واتبع الباطل ، أو يكون عاميا فأقدم على الرخص من غير تقليد فهذا أيضا فاسق ، لأنه أخل بفرضه وهو التقليد ، قال : وإما أن يكون عاميا وقلد في ذلك لم يفسق ، لأنه قلد من يسوغ اجتهاده . ونظر فيه
الجراعي في حواشيه على أصول
ابن [ ص: 467 ] اللحام . قلت : وهو الحق ، وقد نقل جمع محققون إنما يجوز تقليد المذاهب في النوازل والانتقال من مذهب إلى مذهب في بعض المسائل بثلاثة شروط : ( الأول ) أن لا يجمع بين المذهبين مثلا على صفة تخالف الإجماع كمن تزوج بغير صداق ولا ولي ولا شهود ، فإن هذه الصورة لم يقل بها أحد ، قلت أي تزوج بلا ولي مقلدا
لأبي حنيفة ، وبلا شهود مقلدا
لمالك ، فهذا لم يقل به أحدهما ولا غيرهما ، وهو ذريعة للزنا ، فهذا لا نزاع في رده ، ( الثاني ) أن يعتقد فيمن يقلده الفضل ولو بوصول خبره إليه ، ( الثالث ) أن لا يتتبع رخص المذاهب .