الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
( الرابع ) للعامي أن يقلد المفضول مع وجود الفاضل من المجتهدين عند أكثر علمائنا منهم القاضي وأبو الخطاب والإمام الموفق في روضته ، وقاله الحنفية والمالكية وأكثر الشافعية ، وقيل : يصح إن اعتقده فاضلا أو مساويا لا إن اعتقده مفضولا ، لأنه ليس من القواعد أن يعدل عن الراجح إلى المرجوح ، وقال الإمام ابن عقيل وابن سريج والقفال والسمعاني : يلزمه الاجتهاد فيقدم الأرجح ، ( وفي ) معناه قول أبي القاسم الخرقي والإمام الموفق في المقنع ، والإمام أحمد - رضي الله عنه - روايتان ، واستدل للأول بأن المفضول من أصحابه - صلى الله عليه وسلم - ومن السلف كان يفتي مع وجود الفاضل مع الاشتهار والتكرار ، ولم ينكر ذلك أحد ، فكان إجماعا على جواز استفتائه ، مع القدرة على استفتاء الأفاضل وبظاهر قوله تعالى : ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) وأيضا العامي لا يمكنه الترجيح لقصوره ، ولو كلف بذلك لكان تكليفه بضرب من الاجتهاد ، وإن زيف ابن الحاجب ذلك زاعما أن الترجيح يظهر بالتسامع ورجوع العلماء إليه وغيره ، لكثرة المستفتين وتقديم العلماء له . انتهى . لكثرة جهات التفضيل كما سبق وإيجاد أشياء في المفضول ببعضها ما يفضل الفاضل ، والله أعلم .

قوله : ( ( فاسمع تخل ) ) أي فاسمع نظامي ، وما أشرت إليه من لزوم كل مكلف لم يبلغ رتبة استخراج الأحكام من معادنها ولا استنباط الأدلة من مكانها التقليد والاقتداء بأحد أئمة الهدى ومصابيح الدجى ، وقوله : تخل أي تظن وتعلم ذلك لأن الإنسان قبل سماعه يكون خالي الذهن ، فإذا سمع الكلام وتأمل ما فيه من أحكام علم أو ظن لزوم ذلك على ذوي الأفهام ، وأصله مثل يقوله الرجل إذا بلغه شيء [ ص: 468 ] من رجل فاتهمه ، وقيل : معناه أنه من يسمع أخبار الناس ومناقبهم ومثالبهم يقع في نفسه أثر ذلك من خير أو شر ، ولفظ المثل : " من يسمع يخل " أي من يسمع خبرا يحدث له ظن ، فحذف المفعولين اقتصارا لإفادة تجدد الفعل أو حدوثه .

التالي السابق


الخدمات العلمية