وهي عند أهل الحق صفات حقيقية لله عز وجل ، على ما يليق به ، ولا تشبه ما يتصف به المخلوق من ذلك ، ولا يلزم منها ما يلزم في المخلوق .
فلا حجة للأشاعرة والمعتزلة على نفيها ، ولكنهم ظنوا أن اتصاف الله عز وجل بها يلزمه أن تكون هذه الصفات فيه على نحو ما هي في المخلوق ، وهذا الظن الذي ظنوه في ربهم أرداهم فأوقعهم في حمأة النفي والتعطيل .
والأشاعرة يرجعون هذه الصفات كلها إلى الإرادة ؛ كما علمت سابقا ، فالرضا عندهم إرادة الثواب ، والغضب والسخط . . إلخ إرادة العقاب .
وأما المعتزلة ؛ فيرجعونها إلى نفس الثواب والعقاب .
وقوله سبحانه : رضي الله عنهم ورضوا عنه إخبار عما يكون بينه وبين أوليائه من تبادل الرضا والمحبة .
أما رضاه عنهم ؛ فهو أعظم وأجل من كل ما أعطوا من النعيم ؛ كما قال سبحانه : ورضوان من الله أكبر .
[ ص: 143 ] وأما رضاهم عنه ؛ فهو رضا كل منهم بمنزلته مهما كان ، وسروره بها ؛ حتى يظن أنه لم يؤت أحد خيرا مما أوتي ، وذلك في الجنة .
وأما قوله : ومن يقتل مؤمنا متعمدا الآية ؛ فقد احترز بقوله : ( مؤمنا ) عن قتل الكافر ، وبقوله : ( متعمدا ) - أي : قاصدا لذلك ، بأن يقصد من يعلمه آدميا معصوما ، فيقتله بما يغلب على الظن موته به - عن القتل الخطأ .
وقوله : ( خالدا فيها ) ؛ أي : مقيما على جهة التأبيد ، وقيل : الخلود : المكث الطويل .
واللعن : هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله ، واللعين والملعون : من حقت عليه اللعنة ، أو دعي عليه بها .
1 - أن هذا الجزاء لمن كان مستحلا قتل المؤمن عمدا .
2 - أن هذا هو الجزاء الذي يستحقه لو جوزي ، مع إمكان ألا يجازى ، بأن يتوب أو يعمل صالحا يرجح بعمله السيئ .
3 - أن الآية واردة مورد التغليظ والزجر .
4 - أن المراد بالخلود المكث الطويل كما قدمنا .
[ ص: 144 ] وقد ذهب nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وجماعة إلى أن القاتل عمدا لا توبة له ، حتى قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ( إن هذه الآية من آخر ما نزل ، ولم ينسخها شيء ) .
والصحيح أن على القاتل حقوقا ثلاثة : حقا لله ، وحقا للورثة ، وحقا للقتيل .
فحق الله يسقط بالتوبة .
وحق الورثة يسقط بالاستيفاء في الدنيا أو العفو .
وأما حق القتيل ؛ فلا يسقط حتى يجتمع بقاتله يوم القيامة ، ويأتي رأسه في يده ، ويقول : يا رب سل هذا فيم قتلني ؟ وأما قوله : فلما آسفونا . . إلخ ؛ فالأسف يستعمل بمعنى شدة الحزن ، وبمعنى شدة الغضب والسخط ، وهو المراد في الآية .
والانتقام : المجازاة بالعقوبة ، مأخوذ من النقمة ، وهي شدة الكراهة والسخط .