[ ص: 446 ] الوجه الثالث عشر : إن أعلم الخلق بالله وأنصحهم للأمة وأقدرهم على العبارة التي لا توقع لبسا قد
صرح بالنزول مضافا إلى الرب في جميع الأحاديث ، ولم يذكر في موضع واحد ما ينفي الحقيقة بل يؤكدها فلو كانت إرادة الحقيقة باطلة ، وهي منفية لزم القدح في علمه أو نصحه أو بيانه كما تقدم تقريره .
الرابع عشر : أنه لم يقتصر على لفظ النزول العاري عن قرينة المجاز المذكور معه ما يؤكد إرادة الحقيقة حتى نوع هذا المعنى ، وعبر عنه بعبارات متنوعة كالهبوط والدنو والمجيء والإتيان والطواف في الأرض قبل يوم القيامة ، قال تعالى : (
وجاء ربك والملك صفا صفا ) وقال : (
هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك ) ففرق بين إتيان أمره وبين إتيان نفسه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935محمد بن جرير الطبري في
تفسير قوله : ( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة ) وقد ورد في هذا حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أحق ما اعتمد عليه في ذلك ، ثم ساق الحديث ولفظه "
إذا كان يوم القيامة تقفون موقفا واحدا مقدار سبعين عاما لا ينظر إليكم ولا يقضى بينكم ، فتبكون حتى تنقطع الدموع ، ثم تدمعون دما وتعرقون حتى يبلغ منكم العرق الأذقان ويلجمكم ، فتضجون وتقولون : من يشفع لنا عند ربنا فيقضي بيننا فتقولون من أحق بهذا من أبيكم آدم ، جبل الله تربته وخلقه بيده ونفخ فيه من روحه وكلمه الله قبلا ، فيؤتى آدم فيطلب ذلك إليه فيأبى ، ثم يستقرئون الأنبياء ، كلما جاءوا نبيا يأبى ، حتى يأتوني فيسألوني ، فآتي الفحص قدام العرش فأخر ساجدا ، فلا أزال ساجدا حتى يبعث الله عز وجل إلي ملكا فيأخذ بعضدي فيرفعني ، ثم يقول الله : محمد ، فأقول نعم ، وهو أعلم فأقول ، يا رب وعدتني الشفاعة فشفعني في خلقك فاقض بينهم ، فيقول قد شفعتك ، أنا آتيهم فأقضي بينهم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنصرف فأقف مع الناس ، فبينا نحن وقوف سمعنا حسا من السماء شديدا فهالنا ، فينزل أهل السماء الدنيا بمثلي من في الأرض من الجن والإنس ، حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم فأخذوا مصافهم ، فقال أهل الأرض : أفيكم ربنا ؟ قالوا : لا وهو آت ، ثم ينزل أهل السماء الثانية بمثلي من نزل من الملائكة ومثلي من في الأرض من الجن والإنس ، حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت لنورهم [ ص: 447 ] وأخذوا مصافهم ، قال الناس : أفيكم ربنا ؟ قالوا : لا ، هو آت ، ثم ينزل أهل السماء الثالثة بمثلي من نزل من الملائكة ومثلي من في الأرض من الجن والإنس ، ثم نزل أهل السماوات على قدر ذلك من التضعيف ، فيأمر الله بعرشه فيوضع حيث شاء ، ويحمل عرشه يومئذ ثمانية ، وهم اليوم أربعة أقدامهم على تخوم الأرض السفلى والسماوات إلى حجزهم والعرش على كواهلهم ، والملائكة حول العرش لهم زجل بالتسبيح ، ثم ينادى نداء يسمع الخلائق ، فيقول : يا معشر الجن والإنس إني أنصت لكم منذ يوم خلقتكم فأنصتوا إلي اليوم فإنما هي صحفكم وأعمالكم تقرأ عليكم ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلم إلا نفسه ، فيقضي الله بين خلقه من الجن والإنس والبهائم ، فإنه ليقيد يومئذ للجماء من ذات القرن ، وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15893رزين بن معاوية صاحب تجريد الصحاح ، وهو من أعلم أهل زمانه بالسنن والآثار ، وهو من المالكية ، اختصر تفسير
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير الطبري ، وعلى كتابه " التجريد " اعتمد صاحب كتاب جامع الأصول وهذبه ، قال في قوله : (
هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك ) قال
مجاهد (
إلا أن تأتيهم الملائكة ) عند الموت حين توفاهم (
أو يأتي ربك ) يوم القيامة لفصل القضاء (
أو يأتي بعض آيات ربك ) طلوع الشمس من مغربها أو ما شاء الله ، وعن
قتادة مثله .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935محمد بن جرير الطبري : حيث ذكر في القرآن إتيان الملائكة فهو محتمل لإتيانهم لقبض الأرواح ، ويحتمل أن يكون نزولهم بعذاب الكفار وإهلاكهم .
وأما إتيان الرب عز وجل فهو يوم القيامة لفصل القضاء لقوله : (
هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة ) وقوله : (
وجاء ربك والملك ) قال
رزين : قال بعض المتبعين لأهوائهم المقدمين بين يدي كتاب الله لآرائهم من
المعتزلة [ ص: 448 ] والجهمية ومن نحا نحوهم من أشياعهم ، فيمتنعون من وصف الله تعالى بما وصف به نفسه من قوله : (
هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة ) وقوله : (
أأمنتم من في السماء ) وقوله : (
الرحمن على العرش استوى ) إلى أن قال : وأهل العلم بالكتاب والآثار من السلف والخلف يثبتون جميع ذلك ويؤمنون به بلا كيف ولا توهم ، ويرون الأحاديث الصحيحة كما جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى .
والإتيان والمجيء من الله تعالى نوعان : مطلق ومقيد ، فإذا كان مجيء رحمته أو عذابه كان مقيدا كما في الحديث حتى جاء الله بالرحمة والخير ومنه قوله تعالى : (
ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم ) وقوله : (
بل أتيناهم بذكرهم ) وفي الأثر : لا يأتي بالحسنات إلا الله .
النوع الثاني : المجيء والإتيان المطلق كقوله : (
وجاء ربك والملك ) وقوله : (
هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة ) وهذا لا يكون إلا مجيئه سبحانه ، هذا إذا كان مطلقا ، فكيف إذا قيد بما يجعله صريحا في مجيئه نفسه كقوله : (
إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك ) فعطف مجيئه على مجيء الملائكة ، ثم عطف مجيء آياته على مجيئه ، ومن المجيء المقيد قوله : (
فأتى الله بنيانهم من القواعد ) فلما قيده بالمفعول وهو البنيان وبالمجرور وهو القواعد ، دل ذلك على مجيء ما بينه ، إذ من المعلوم أن الله سبحانه إذا جاء بنفسه لا يجيء من أساس الحيطان وأسفلها ، وهذا يشبه قوله تعالى : (
هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا ) فهذا مجيء مقيد لقوم مخصوصين قد أوقع بهم بأسه ، وعلم السامعون أن جنوده من الملائكة والمسلمين أتوهم ، فكان في هذا السياق ما يدل على المراد على أنه لا يمتنع في الآيتين أن يكون الإتيان على حقيقة ، ويكون ذلك دنوا ممن يريد إهلاكهم بغضبه وانتقامه كما يدنو عشية
عرفة من الحجاج برحمته
[ ص: 449 ] ومغفرته ، ولا يلزم من هذا الدنو والإتيان الملاصقة والمخالطة ، بل يأتي هؤلاء برحمته وفضله ، وهؤلاء بانتقامه وعقوبته ، وهو فوق عرشه إذ لا يكون الرب إلا فوق كل شيء ،
ففوقيته وعلوه من لوازم ذاته ، ولا تناقض بين نزوله ودنوه ، وهبوطه ومجيئه ، وإتيانه وعلوه ، لإحاطته وسعته وعظمته وأن السماوات والأرض في قبضته ، وأنه مع كونه الظاهر الذي ليس فوقه شيء ، فهو الباطن الذي ليس دونه شيء ، فظهوره بالمعنى الذي فسره به أعلم الخلق لا يناقض بطونه بالمعنى الذي فسره به أيضا ،
فهو سبحانه يدنو ويقرب ممن يريد الدنو والقرب منه مع كونه فوق عرشه ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347391أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد " فهذا قرب الساجد من ربه وهو فوق عرشه .
وكذلك قوله في الحديث الصحيح "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347392إن الذي تدعونه سميع قريب ، أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته " ، فهذا قربه من داعيه والأول قربه من عابديه ، ولم يناقض ذلك كونه فوق سماواته على عرشه .
وإن عسر على فهمك اجتماع الأمرين فإنه يوضح ذلك معرفة إحاطة الرب وسعته ، وأنه أكبر من كل شيء ، وأن السماوات السبع والأرضين في يده كخردلة في كف العبد ، وأنه يقبض سماواته السبع بيده والأرضين باليد الأخرى ثم يهزهن ، فمن هذا شأنه كيف يعسر عليه الدنو ممن يريد الدنو منه وهو على عرشه ، وهو يوجب لك فهم اسمه الظاهر والباطن ، وتعلم أن التفسير الذي فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم به هذين الاسمين هو تفسير الحق المطابق لكونه بكل شيء محيط ، وكونه فوق كل شيء .
ومما يوضح لك ذلك أن
النزول والمجيء والإتيان ، والاستواء ، والصعود والارتفاع كلها أنواع أفعال ، وهو الفعال لما يريد ، وأفعاله كصفاته قائمة به ، ولولا ذلك لم يكن فعالا ولا موصوفا بصفات كماله ، فنزوله ومجيئه واستواؤه وارتفاعه وصعوده ونحو ذلك ، كلها أفعال من أفعاله ، التي إن كانت مجازا فأفعاله كلها مجاز ولا فعل له في الحقيقة ، بل هو بمنزلة الجمادات ، وهذا حقيقة من عطل أفعاله ، وإن كان فاعلا حقيقة فأفعاله نوعان : لازمة ومتعدية ، كما دلت النصوص التي هي أكثر من أن تحصر على النوعين .
[ ص: 450 ] وبإثبات أفعاله وقيامها به تزول عنك جميع الإشكالات ، وتصدق النصوص بعضها بعضا وتعلم مطابقتها للعقل الصريح ، وإن أنكرت حقيقة الأفعال وقيامها به سبحانه اضطرب عليك هذا الباب أعظم اضطراب ، وبقيت حائرا في التوفيق بين النصوص وبين أصول النفاة ، وهيهات لك بالتوفيق بين النقيضين والجمع بين الضدين ، يوضحه : إن الأوهام الباطلة والعقول الفاسدة لما فهمت من نزول الرب ومجيئه ، وإتيانه وهبوطه ودنوه ما يفهم من مجيء المخلوق وإتيانه وهبوطه ودنوه وهو أن يفرغ مكانا ويشغل مكانا نفت حقيقة ذلك فوقعت في محذورين : محذور التشبيه ومحذور التعطيل ، ولو علمت هذه العقول الضعيفة أن نزوله سبحانه ومجيئه وإتيانه لا يشبه نزول المخلوق وإتيانه ومجيئه ، كما أن سمعه وبصره وعلمه وحياته كذلك ، بل يده الكريمة ووجهه الكريم كذلك ، وإذا كان نزولا ليس كمثله نزول ، فكيف تنفى حقيقته ، فإن لم تنف
المعطلة حقيقة ذاته وصفاته وأفعاله بالكلية وإلا تناقضوا ، فإنهم أي معنى أثبتوه لزمهم في نفيه ما ألزموا به أهل السنة المثبتين لله ما أثبت لنفسه ، ولا يجدون إلى الفرق سبيلا .
فلو كان الرب سبحانه مماثلا لخلقه لزم من نزوله خصائص نزولهم ضرورة ثبوت أحد المثلين للآخر ، وفي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347393إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن لتتبع كل أمة ما كانت تعبد ، فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله من الأنصاب والأصنام إلا تساقطوا في النار ، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر وأتاهم رب العالمين ، قال فماذا تنتظرون ؟ تتبع كل أمة ما كانت تعبد ، قالوا يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ، ولم نصاحبهم ، وإنا سمعنا مناديا ينادي : ليلحق كل أمة بما كانوا يعبدون وإنما ننتظر ربنا ، فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة ، فيقول أنا ربكم ، فيقولون نعوذ بالله منك ، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه ، قال فيأتيهم في صورته التي رأوه فيها أول مرة ، فيقول : " أنا ربكم ، فيقولون أنت ربنا " ، وفي لفظ فيقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347394هل بينكم وبينه آية تعرفونه بها ، فيقولون الساق ، فيكشف عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ويبقى من كان يسجد رياء وسمعة ، ويذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقا " .
[ ص: 451 ] وحديث النزول رواه
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=67وجبير بن مطعم ،
nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=44وأبو سعيد الخدري ،
nindex.php?page=showalam&ids=81وعمرو بن عبسة ،
ورفاعة بن عرابة الجهني ،
nindex.php?page=showalam&ids=61وعثمان بن أبي العاص الثقفي ،
وعبد الحميد بن سلمة ، عن أبيه عن جده ،
وأبو الدرداء nindex.php?page=showalam&ids=32ومعاذ بن جبل nindex.php?page=showalam&ids=1500وأبو ثعلبة الخشني ،
nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة أم المؤمنين ،
nindex.php?page=showalam&ids=110وأبو موسى الأشعري ،
nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة بن اليمان ،
ولقيط بن عامر العقيلي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وعبد الله بن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=63وعبادة بن الصامت ،
nindex.php?page=showalam&ids=10382وأسماء بنت يزيد وأبو الخطاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=6201وعوف بن مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=481وأبو أمامة الباهلي ،
وثوبان :
وأبو حارثة ،
nindex.php?page=showalam&ids=10683وخولة بنت حكيم رضي الله عنهم .
فأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق فقال
ابن وهب : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث أن
عبد الملك بن عبد الملك حدثه عن
مصعب بن أبي ذؤيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق عن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347395ينزل الله ليلة النصف من شعبان فيغفر لكل نفس إلا إنسانا في قلبه شحناء أو مشرك " رواه جماعة عن
ابن وهب .
وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب فقال
محمد بن إسحاق عن عمه
nindex.php?page=showalam&ids=17184موسى بن يسار عن
عبيد الله بن أبي رافع عن
علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347396لولا أن أشق على أمتي لأخرت العشاء الأخيرة إلى ثلث الليل ، فإنه إذا مضى ثلث الليل هبط الله تعالى إلى سماء الدنيا فلم يزل بها حتى يطلع الفجر فيقول : ألا سائل يعطى ، ألا داع فيجاب ، ألا مذنب يستغفر له ، ألا سقيم يستشفى " رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في السنة .
وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347291ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل فيقول : من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفر فأغفر له " وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما أنهما
[ ص: 452 ] شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347397إن الله يمهل حتى إذا كان ثلث الليل هبط إلى السماء الدنيا فنادى : هل من مذنب يتوب ، هل من مستغفر ، هل من سائل " .
وفي مسند
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد من حديث
سهيل عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347398ينزل الله كل ليلة إذا مضى ثلث الليل الأول فيقول : أنا الملك من ذا الذي يستغفرني فأغفر له " .
فهذه خمسة ألفاظ تنفي المجاز بنسبة النزول إليه سبحانه ونسبة القول إليه ، وقوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347399أنا الملك " وقوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347400يستغفرني " وقوله "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347401فأغفر له " وفي رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة يرفعه ، "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347402إذا مضى ثلث الليل هبط الله إلى السماء الدنيا . . . " فذكره ، وهذه الألفاظ لا تعارض بينها بحمد الله ، فإنها قد اتفقت على دوام النزول الإلهي إلى طلوع الفجر ، واتفقت على حصوله في الشطر الثاني من الليل ، واختلفت في أوله على ثلاثة أوجه أحدها : أنه أول الثلث الثاني ، والثاني : أنه أول الشطر الثاني ، والثالث : أنه أول الثلث الأخير ، وإذا تأملت هاتين الروايتين لم تجد بينهما تعارضا .
بقيت رواية :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347403إذا مضى ثلث الليل الأول ، وهي تحتمل ثلاثة أوجه أحدها : أن لا تكون محفوظة وتكون من قبل حفظ الراوي ، فإن أكثر الأحاديث على الثلث الأخير ، الثاني : أن يكون الثلث الأول والشطر والثلث الأخير على حسب اختلاف بلاد الإسلام في ذلك ، ويكون النزول في وقت واحد ، وهو ثلث الليل الأخير عند قوم ووسطه عند الآخرين ، وثلثه الأول عند غيرهم ، فيصح نسبته إلى أوقات الثلاثة ، وهو حاصل في وقت واحد ، وعلى هذا فالشبهة العقلية التي عارض بها النفاة حديث النزول تكون هذه الألفاظ قد تضمنت الجواب عنها ، فإن هذا النزول لا ينافي كونه في الثلث الأخير كونه في الثلث الأول أو في الشطر الثاني بالنسبة إلى المطالع .
ولما كانت رقعة الإسلام ما بين طرفي المشرق والمغرب من المعمور في الأرض كان التفاوت قريبا من هذا القدر ، وسيأتي مزيد تقرير لهذا .
الثالث : إن
للنزول الإلهي شأنا عظيما ، ليس شأنه كشأن غيره ، فإنه قدوم ملك
[ ص: 453 ] السماوات والأرض إلى هذه السماء التي تلينا ، ولا ريب أن للسماوات وأملاكها عند هبوط الرب تعالى ونزوله إلى سماء الدنيا شأنا وحالا .
وفي بعض الآثار : إن السماوات تأخذها رجفة ويسجد أهلها جميعا .
قال
أبو داود : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14327محمد بن يحيى بن فارس ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17381يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن أخي
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب عن عمه ، أخبرني
عبيد بن السباق أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
ينزل ربنا من آخر الليل فينادي مناد في السماء العليا ، ألا نزل الخالق العليم ، فيسجد أهل السماء ، وينادي فيهم مناد ذلك ، فلا يمر بأهل سماء إلا وهم سجود ، ومن عوائد الملوك ، ولله المثل الأعلى ، أنهم إذا أرادوا القدوم إلى بلد أو مكان غير مكانهم المعروف بهم أن يقدموا بين يدي موافاتهم إليه ما ينبغي تقديمه ، وهذا من تمام مصالح ملكهم ، وهكذا شأن الرب تبارك وتعالى أن يقدم بين يدي ما يريد فعله من الأمور العظام كتابة ذلك أو إعلام ملائكته أو إعلام رسله ، كما قال : (
وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) وقوله
لنوح : (
ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ) وقال
لإبراهيم : (
ياإبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود ) .
وإذا كان الله تعالى يتقدم إلى ملائكته ورسله بإعلامهم بما يريد فعله من الأمور العظام ، فلا ينكر أن يتقدم إلى أهل سماواته بنزوله ويحدث للسماوات وللملائكة من عظمة ذلك الأمر قبل وقوعه ما يناسب ذلك الأمر ، وهكذا يفعل سبحانه إذا جاء يوم القيامة ، فتتأثر السماوات والملائكة قبل النزول " فسمى ذلك نزولا لأنه من مقدماته ومتصلا به ، كما أطلق سبحانه على وقت الزلزلة والرجفة المتصلة بالساعة أنها يوم القيامة والساعة ، وذلك موجود في القرآن ، فمقدمات الشيء ومباديه كثيرا ما يدخل في مسمى اسمه ، وهذا الوجه أقوى الوجوه .
[ ص: 454 ] وذكر
عبد الرازق عن
معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347385إن الله ينزل إلى سماء الدنيا ، له في كل سماء كرسي ، فإذا نزل إلى السماء الدنيا جلس على كرسيه ثم مد ساعديه فيقول : من ذا الذي يقرض غير عادم ولا ظلوم ، من ذا الذي يستغفر فأغفر له ، من ذا الذي يتوب فأتوب عليه ، فإذا كان عند الصبح ارتفع فجلس على كرسيه " رواه
أبو عبد الله بن منده ، قال
ابن منده : وله أصل مرسل ، وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=67جبير بن مطعم فرواه
nindex.php?page=showalam&ids=11928أبو الوليد الطيالسي ، حدثنا
حماد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار عن
nindex.php?page=showalam&ids=17193نافع بن جبير عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347385ينزل الله إلى سماء الدنيا كل ليلة فيقول جل جلاله : هل من سائل فأعطيه ، هل من مستغفر فأغفر له " هذا حديث صحيح رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15821خشيش بن أصرم عن
nindex.php?page=showalam&ids=17309يحيى بن حسان عن
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة به .
وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله فرواه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من رواية
عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن
جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347405إن الله ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا لثلث الليل فيقول : ألا عبد من عبيدي يدعوني فأستجيب له ، أو ظالم لنفسه يدعوني فأغفر له ، ألا مقتر عليه رزقه ، ألا مظلوم يستنصرني فأنصره ، ألا عان يدعوني فأفك عنه ، فيكون ذاك مكانه حتى يضيء الفجر ثم يعلو ربنا عز وجل إلى السماء العليا على كرسيه " .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم من حديث
أبي الزبير عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347406إذا كان يوم عرفة فإن الله ينزل إلى سماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة فيقول : انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا ، أشهدكم أني قد غفرت لهم " ورواه
الخلال في السنة من حديث
أبي النضر عن
أيوب عن
أبي الزبير عنه يرفعه "
أفضل أيام الدنيا أيام العشر " قالوا يا رسول الله ولا مثلهن في سبيل الله ؟ قال : إلا من عفر وجهه في التراب ، إن عشية عرفة ينزل الله إلى [ ص: 455 ] سماء الدنيا فيقول للملائكة : انظروا إلى عبادي هؤلاء ، شعثا غبرا ، جاءوا من كل فج عميق ضاحين يسألوني رحمتي ، فلا يرى يوم أكثر عتيقا ولا عتيقة .
فأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ففي المسند من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون عن
شريك عن
أبي إسحاق الهجري عن
أبي الأحوص عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347408إن الله إذا كان ثلث الليل الآخر نزل إلى سماء الدنيا ثم بسط يده فقال : من يسألني فأعطيه حتى يطلع الفجر " وهذا حديث حسن رجاله أئمة ، ورواه
أبو معاوية عن
زائدة عن
إبراهيم به ، وقال
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347409إن الله يفتح أبواب السماء ثم يهبط إلى السماء الدنيا ثم يبسط يده فيقول ألا عبد يسألني فأعطيه ، حتى يطلع الفجر .
وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري فقد تقدم اشتراكه مع
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في الحديث ، وروى
سليم بن أخضر عن
التيمي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة عن
أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "
ينادي مناد بين يدي الصيحة : يا أيها الناس أتتكم الساعة ، ومد بها صوته ، فيسمعه الأحياء والأموات ، ثم ينادي مناد : لمن الملك اليوم ؟ لله الواحد القهار "
وسليم هذا صدوق خرج له
مسلم .
وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=81عمرو بن عبسة فروى
أبو اليمان ويحيى بن أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=16366وعبد الصمد بن النعمان nindex.php?page=showalam&ids=17376ويزيد بن هارون ، وهذا سياق حديثه : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=15710جرير بن عثمان حدثنا
سليمان ابن عامر nindex.php?page=hadith&LINKID=10347411عن nindex.php?page=showalam&ids=81عمرو بن عبسة قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله ، جعلني الله فداك ، شيء تعلمه وأجهله ، ينفعني ولا يضرك ، ما ساعة أقرب من ساعة ، وما ساعة تبقى فيها ، يعني الصلاة ، فقال : " يا nindex.php?page=showalam&ids=81عمرو بن عبسة ، لقد سألت عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك ، إن الرب تعالى يتدلى من جوف الليل فيغفر ، إلا ما كان من الشرك والبغي ، والصلاة مشهودة حتى تطلع الشمس ، فإنها تطلع على قرن الشيطان ، وهي صلاة الكفار ، فأقصر عن الصلاة حتى ترتفع الشمس ، فإذا استعلت الشمس فالصلاة مشهودة حتى يعتدل النهار فأخر الصلاة فإنها حينئذ تسجر جهنم ، فإذا فاء الفيء [ ص: 456 ] فالصلاة مشهودة حتى تدلى للغروب ، فإنها تغيب بين قرني شيطان ، فأقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس " .
وأما حديث
رفاعة بن عرابة الجهني فرواه
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك ، فقال حدثنا
هشام عن
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير عن
nindex.php?page=showalam&ids=17253هلال بن أبي ميمونة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار عن
رفاعة الجهني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347412إذا مضى نصف الليل أو ثلث الليل نزل الله عز وجل إلى سماء الدنيا فقال : لا أسأل عن عبادي غيري من ذا الذي يستغفرني فأكفر له ، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له ، من ذا الذي يسألني فأعطيه ، حتى ينفجر الفجر " هذا حديث صحيح رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد في مسنده ، وفيه رد على من زعم أن الذي ينزل ملك من الملائكة ، فإن الملك لا يقول : لا أسأل عن عبادي غيري ، ولا يقول : من يسألني أعطه .
وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=61عثمان بن العاص الثقفي فرواه
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16621علي بن زيد عن
الحسن عن
nindex.php?page=showalam&ids=61عثمان بن أبي العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347385ينزل الله إلى سماء الدنيا كل ليلة فيقول : هل من داع فأستجيب له ، هل من سائل فأعطيه ، هل من مستغفر فأغفر له " ، وأن
داود خرج ذات ليلة فقال : لا يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه ، إلا أن يكون ساحرا أو عشارا " رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد بنحوه .
وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء فرواه
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد ، حدثني
محمد بن زيادة الأنصاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16789فضالة بن عبيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
ينزل الله في آخر ثلاث ساعات بقين من الليل ينظر في الساعة الأولى منهن في الكتاب الذي لا ينظر فيه غيره ، فيمحو ما يشاء ويثبت ، ثم ينظر في الساعة الثانية في جنة عدن وهي مسكنه الذي يسكنه لا يكون معه فيها إلا الأنبياء والشهداء [ ص: 457 ] والصديقون ، وفيها ما لم ير أحد ولم يخطر على قلب بشر ، ثم يهبط في آخر ساعة من الليل يقول : ألا مستغفر فأغفر له ، ألا سائل فأعطيه ، ألا داع فأستجيب له رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14274عثمان بن سعيد الدارمي .