فصل أسباب المحبة
في
الأسباب الجالبة للمحبة ، والموجبة لها وهي عشرة .
أحدها : قراءة القرآن بالتدبر والتفهم لمعانيه وما أريد به ، كتدبر الكتاب الذي يحفظه العبد ويشرحه . ليتفهم مراد صاحبه منه .
الثاني : التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض . فإنها توصله إلى درجة المحبوبية بعد المحبة .
الثالث : دوام ذكره على كل حال : باللسان والقلب ، والعمل والحال . فنصيبه من المحبة على قدر نصيبه من هذا الذكر .
الرابع : إيثار محابه على محابك عند غلبات الهوى ، والتسنم إلى محابه ، وإن صعب المرتقى .
الخامس : مطالعة القلب لأسمائه وصفاته ، ومشاهدتها ومعرفتها . وتقلبه في رياض هذه المعرفة ومباديها . فمن عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله : أحبه لا محالة . ولهذا كانت
المعطلة والفرعونية والجهمية قطاع الطريق على القلوب بينها وبين الوصول إلى المحبوب .
السادس : مشاهدة بره وإحسانه وآلائه ، ونعمه الباطنة والظاهرة . فإنها داعية إلى محبته .
[ ص: 19 ] السابع : وهو من أعجبها ، انكسار القلب بكليته بين يدي الله تعالى . وليس في التعبير عن هذا المعنى غير الأسماء والعبارات .
الثامن : الخلوة به وقت النزول الإلهي ، لمناجاته وتلاوة كلامه ، والوقوف بالقلب والتأدب بأدب العبودية بين يديه . ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة .
التاسع : مجالسة المحبين الصادقين ، والتقاط أطايب ثمرات كلامهم كما ينتقي أطايب الثمر . ولا تتكلم إلا إذا ترجحت مصلحة الكلام ، وعلمت أن فيه مزيدا لحالك ، ومنفعة لغيرك .
العاشر : مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عز وجل .
فمن هذه الأسباب العشرة : وصل المحبون إلى منازل المحبة . ودخلوا على الحبيب . وملاك ذلك كله أمران : استعداد الروح لهذا الشأن ، وانفتاح عين البصيرة . وبالله التوفيق .