بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
ولو باع بثمن حال ، ثم أخر إلى الآجال المتقاربة جاز التأخير ، ولو أخر إلى الآجال المتفاحشة لم يجز ، والدين على حاله حال فرق بين التأجيل ، والتأخير ، ولم يجوز التأجيل إلى هذه الآجال أصلا ، وجوز التأخير إلى المتقارب منها ، ووجه الفرق : أن التأجيل في العقد جعل الأجل شرطا في العقد ، وجهالة الأجل المشروط في العقد ، وإن كانت متقاربة توجب فساد العقد ; لأنها تفضي إلى المنازعة ، فأما التأخير إلى الآجال المجهولة متقاربة فلا تفضي إلى المنازعة ; لأن الناس يؤخرون الديون إلى هذه الآجال عادة ، ومبنى التأخير على المسامحة ، فالظاهر أنهم يسامحون ، ولا ينازعون ، وما جرت العادة منهم بالتأخير إلى آجال تفحش جهالتها بخلاف التأجيل ; لأن ما جعل شرطا في البيع مبناه على المضايقة ، فالجهالة فيها وإن قلت تفضي إلى المنازعة ; ولهذا لا يجوز البيع إلى الآجال المتقاربة ، وجازت الكفالة إليها ; لأن مبنى الكفالة على المسامحة ، فإن المكفول له لا يضيق الأمر على الكفيل عادة ; لأن له سبيل الوصول إلى الدين من جهة الأصيل فالتأجيل إليها لا يفضي إلى المنازعة بخلاف البيع ، فإن الجهالة في باب البيع مفضية إلى المنازعة فكانت مفسدة للبيع .

التالي السابق


الخدمات العلمية