( كتاب المضاربة )
يحتاج في هذا الكتاب إلى معرفة
جواز هذا العقد ، وإلى معرفة ركنه ، وإلى معرفة شرائط الركن ، وإلى معرفة حكمه ، وإلى معرفة صفة العقد ، وإلى معرفة ما يبطل به ، ومعرفة حكمه إذا بطل ، وإلى بيان حكم اختلاف رب المال والمضارب .
( أما ) الأول ، فالقياس أنه لا يجوز ; لأنه استئجار بأجر مجهول بل بأجر معدوم ، ولعمل مجهول ، لكنا تركنا القياس بالكتاب العزيز والسنة والإجماع .
( أما ) الكتاب الكريم فقوله عز شأنه {
وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله } والمضارب يضرب في الأرض يبتغي من فضل الله عز وجل وقوله سبحانه وتعالى {
فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله } وقوله تعالى {
ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم }
( وأما ) السنة ، فما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=27977كان سيدنا nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بن عبد المطلب إذا دفع المال مضاربة ، اشترط على صاحبه أن لا يسلك به بحرا ولا ينزل به واديا ، ولا يشتري به دابة ذات كبد رطبة ، فإن فعل ذلك ضمن فبلغ شرطه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجاز شرطه } وكذا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس يتعاقدون المضاربة فلم ينكر عليهم وذلك تقرير لهم على ذلك ; والتقرير أحد وجوه السنة .
( وأما ) الإجماع ، فإنه روي عن جماعة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم أنهم دفعوا مال اليتيم ، مضاربة منهم سيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وسيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان وسيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر nindex.php?page=showalam&ids=16524وعبيد الله بن عمر وسيدتنا
عائشة رضي الله عنهم ولم ينقل أنه أنكر عليهم من أقرانهم أحد ، ومثله يكون إجماعا .
وروي أن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=16524وعبيد الله ابني سيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قدما
العراق nindex.php?page=showalam&ids=110وأبو موسى الأشعري أمير بها فقال لهما : لو كان عندي فضل لأكرمتكما ، ولكن عندي مال لبيت المال أدفعه إليكما ، فابتاعا به متاعا واحملاه إلى
المدينة وبيعاه ، وادفعا ثمنه إلى أمير المؤمنين فلما قدما
المدينة قال لهما سيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه : هذا مال المسلمين فاجعلا ربحه لهم فسكت
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله : ليس لك ذلك ، لو هلك منا لضمنا فقال بعض الصحابة : يا أمير المؤمنين ، اجعلهما كالمضاربين في المال ، لهما النصف ولبيت المال النصف فرضي به سيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه وعلى هذا تعامل الناس من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا في سائر الأعصار من غير إنكار من أحد ، وإجماع أهل كل عصر حجة ، فترك به القياس ، ونوع من القياس يدل على الجواز أيضا ، وهو أن الناس يحتاجون إلى عقد المضاربة ; لأن الإنسان قد يكون له مال لكنه لا يهتدي إلى التجارة ، وقد يهتدي إلى التجارة لكنه لا مال له ، فكان في شرع هذا العقد دفع الحاجتين ، والله تعالى ما شرع العقود إلا لمصالح العباد ودفع حوائجهم .