( فصل ) :
وأما شرائط الجواز فأنواع بعضها يرجع إلى الواقف ، وبعضها يرجع إلى نفس الوقف ، وبعضها يرجع إلى الموقوف ( أما ) الذي يرجع إلى الواقف فأنواع : ( منها ) العقل ( ومنها ) البلوغ فلا يصح
الوقف من الصبي والمجنون ; لأن الوقف من التصرفات الضارة ; لكونه إزالة الملك بغير عوض ، والصبي والمجنون ليسا من أهل التصرفات الضارة ، ولهذا لا تصح منهما الهبة والصدقة والإعتاق ونحو ذلك ( ومنها ) الحرية فلا يملكه العبد ; لأنه إزالة الملك ، والعبد ليس من أهل الملك ، وسواء كان مأذونا أو محجورا ; لأن هذا ليس من باب التجارة ولا من ضرورات التجارة ، فلا يملكه المأذون كما لا يملك الصدقة والهبة والإعتاق .
( ومنها ) أن يخرجه الواقف من يده ويجعل له قيما ويسلمه إليه عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف هذا ليس بشرط ، واحتج بما روي أن سيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه وقف ، وكان يتولى أمر وقفه بنفسه وكان في يده ، وروي عن سيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه أنه كان يفعل كذلك ; ولأن هذا إزالة الملك لا إلى حد فلا يشترط فيه التسليم كالإعتاق ولهما أن الوقف إخراج المال عن الملك على وجه الصدقة ، فلا يصح بدون التسليم كسائر التصرفات ( وأما ) وقف سيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وسيدنا علي رضي الله عنهما فاحتمل أنهما أخرجاه عن أيديهما وسلماه إلى المتولي بعد ذلك فصح ، كمن وهب من آخر شيئا أو تصدق ، أو لم يسلم إليه وقت الصدقة والهبة ثم سلم صح التسليم كذا هذا
[ ص: 220 ] ثم التسليم في الوقف عندهما أن يجعل له قيما ويسلمه إليه ، وفي المسجد أن يصلى فيه جماعة بأذان وإقامة بإذنه كذا ذكر
القاضي في شرح
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14972القدوري رحمه الله في شرحه أنه إذا أذن للناس بالصلاة فيه فصلى واحد كان تسليما ، ويزول ملكه عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله
، وهل يشترط أن لا يشرط الواقف لنفسه من منافع الوقف شيئا ، عند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ليس بشرط ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد شرط ( وجه ) قول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد أن هذا إخراج المال إلى الله تعالى وجعله خالصا له ، وشرط الانتفاع لنفسه يمنع الإخلاص فيمنع جواز الوقف ، كما إذا جعل أرضه أو داره مسجدا وشرط من منافع ذلك لنفسه شيئا ، وكما لو أعتق عبده وشرط خدمته لنفسه
nindex.php?page=showalam&ids=14954ولأبي يوسف ما روي عن سيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أنه وقف وشرط في وقفه لا جناح على من وليه أن يأكل منه بالمعروف ، وكان يلي أمر وقفه بنفسه ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله أن
الواقف إذا شرط لنفسه بيع الوقف وصرف ثمنه إلى ما هو أفضل منه يجوز ; لأن شرط البيع شرط لا ينافيه الوقف ، ألا ترى أنه يباع باب المسجد إذا خلق ، وشجر الوقف إذا يبس ( ومنها ) أن يجعل آخره بجهة لا تنقطع أبدا عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد ، فإن لم يذكر ذلك لم يصح عندهما ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ذكر هذا ليس بشرط بل يصح وإن سمى جهة تنقطع ، ويكون بعدها للفقراء وإن لم يسمهم ( وجه ) قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أنه ثبت الوقف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة ، ولم يثبت عنهم هذا الشرط ذكرا وتسمية ولأن قصد الواقف أن يكون آخره للفقراء وإن لم يسمهم هو الظاهر من حاله ، فكان تسمية هذا الشرط ثابتا دلالة ، والثابت دلالة كالثابت نصا ، ولهما أن التأبيد شرط جواز الوقف لما نذكر ، وتسمية جهة تنقطع توقيت له معنى فيمنع الجواز ( وأما ) الذي يرجع إلى نفس الوقف فهو التأبيد ، وهو أن يكون مؤبدا حتى لو وقت لم يجز ; لأنه إزالة الملك لا إلى حد فلا تحتمل التوقيت كالإعتاق وجعل الدار مسجدا .