( وأما ) بيان
ما ينقض به عقد الموادعة ، فالجملة فيه أن عقد الموادعة ( إما ) أن كان مطلقا عن الوقت .
( وإما ) أن كان موقتا بوقت معلوم فإن كان مطلقا عن الوقت فالذي ينتقض به نوعان : نص ، ودلالة فالنص ، هو النبذ من الجانبين صريحا .
( وأما ) الدلالة ، فهي أن يوجد منهم ما يدل على النبذ ، نحو أن يخرج قوم من دار الموادعة بإذن الإمام ويقطعوا الطريق في دار الإسلام ; لأن إذن الإمام بذلك دلالة النبذ ، ولو خرج قوم من غير إذن الإمام ، فقطعوا الطريق في دار الإسلام فإن كانوا جماعة لا منعة لهم ، لا يكون ذلك نقضا للعهد ; لأن قطع الطريق بلا منعة لا يصلح دلالة للنقض ، ألا ترى أنه لو نص واحد منهم على النقض لا ينتقض ؟ كما في الأمان المؤبد ، وهو عقد الذمة .
وإن كانوا جماعة لهم منعة فخرجوا بغير إذن الإمام ولا إذن أهل مملكته ،
[ ص: 110 ] فالملك وأهل مملكته على موادعتهم ; لانعدام دلالة النقض في حقهم ، ولكن ينتقض العهد فيما بين القطاع ، حتى يباح قتلهم واسترقاقهم ; لوجود دليل النقض منهم ، وإن كان موقتا بوقت معلوم ، ينتهي العهد بانتهاء الوقت من غير الحاجة إلى النبذ ، حتى كان للمسلمين أن يغزوا عليهم ; لأن العقد المؤقت إلى غاية ينتهي بانتهاء الغاية من غير الحاجة إلى الناقض ، ولو كان واحد منهم دخل الإسلام بالموادعة المؤقتة ، فمضى الوقت وهو في دار الإسلام ، فهو آمن حتى يرجع إلى مأمنه ; لأن التعرض له يوهم الغدر والتغرير ، فيجب التحرز عنه ما أمكن ، والله - تعالى - أعلم .