( وأما )
قسمة الملك فلا تجوز في دار الحرب عند أصحابنا ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - تجوز وهذا الاختلاف مبني على أصل ، وهو أن الملك هل يثبت في الغنائم في دار الحرب للغزاة ؟ فعندنا لا يثبت الملك أصلا فيها ، لا من كل وجه ، ولا من وجه ، ولكن ينعقد سبب الملك فيها على أن تصير علة عند الأحرار بدار الإسلام ، وهو تفسير حق الملك ، أو حق التملك عندنا ، وعنده يثبت الملك قبل الإحراز بدار الإسلام بعد الفراغ من القتال قولا واحدا ، وله في حال فور الهزيمة قولان ، ويبنى على هذا الأصل مسائل : ( منها ) أنه إذا
مات واحد من الغانمين في دار الحرب لا يورث نصيبه عندنا ، وعنده يورث والله تعالى - أعلم .
( ومنها ) أن
المدد إذا لحق الجيش فأحرزوا الغنائم جملة إلى دار الإسلام يشاركونهم فيها عندنا ، وعنده لا يشاركونهم .
( ومنها ) أنه إذا
أتلف واحد من الغانمين شيئا من الغنيمة لا يضمن عندنا ، وعنده يضمن .
( ومنها ) أن
الإمام إذا باع شيئا من الغنائم لا لحاجة الغزاة ، لا يجوز عندنا ، وعنده يجوز .
( ومنها ) أن
الإمام إذا قسم الغنائم في دار الحرب مجازفا غير مجتهد ولا معتقد جواز القسمة لا تجوز عندنا ، وعنده تجوز .
( فأما ) إذا
رأى الإمام القسمة فقسمها نفذت قسمته بالإجماع ، وكذلك لو
رأى البيع فباعها ; لأنه حكم أمضاه في محل الاجتهاد ، بالاجتهاد فينفذ .
( وجه ) قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم {
قسم غنائم خيبر بخيبر ، وقسم غنائم أوطاس بأوطاس ، وقسم غنائم بني المصطلق في ديارهم ، وقسم غنائم بدر بالجعرانة } وهي واد من أودية
بدر ، وأدنى ما يحمل عليه فعل النبي عليه الصلاة والسلام هو الجواز والإباحة ، ولأنه وجد الاستيلاء على مال مباح فيفيد الملك استدلالا بالاستيلاء على الحطب والحشيش ، ولا شك أن المستولى عليه مال مباح ; لأنه مال الكافر ، وأنه مباح ، والدليل على تحقق الاستيلاء أن الاستيلاء عبارة عن إثبات اليد على المحل ، وقد وجد ذلك حقيقة ، وإنكار الحقائق مكابرة ، ورجعة الكفار بعد انهزامهم واستردادهم أمر موهوم لا دليل عليه ، فلا يعتبر .
( ولنا ) أن الاستيلاء إنما يفيد الملك إذا ورد على مال مباح غير مملوك ، ولم يوجد هاهنا ; لأن ملك الكفرة قائم ; لأن ملك الكفرة كان ثابتا لهم ، والملك متى ثبت لإنسان لا يزول إلا بإزالته ، أو يخرج المحل من أن يكون منتفعا به حقيقة بالهلاك ، أو بعجز المالك عن الانتفاع به دفعا للتناقض فيما شرع الملك له ، ولم يوجد شيء من ذلك .
( أما ) الإزالة وهلاك المحل فظاهر العدم .