صفحة جزء
( حبس ) ( هـ ) في حديث الزكاة : " إن خالدا جعل أدراعه وأعتده حبسا في سبيل الله " أي وقفا على المجاهدين وغيرهم . يقال حبست أحبس حبسا ، وأحبست أحبس إحباسا : أي وقفت ، والاسم الحبس بالضم .

( س ) ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما : " لما نزلت آية الفرائض قال النبي صلى الله [ ص: 329 ] عليه وسلم : لا حبس بعد سورة النساء " أراد أنه لا يوقف مال ولا يزوى عن وارثه ، وكأنه إشارة إلى ما كانوا يفعلونه في الجاهلية من حبس مال الميت ونسائه ، كانوا إذا كرهوا النساء لقبح أو قلة مال حبسوهن عن الأزواج ; لأن أولياء الميت كانوا أولى بهن عندهم . والحاء في قوله لا حبس : يجوز أن تكون مضمومة ومفتوحة على الاسم والمصدر .

( س ) ومنه حديث عمر رضي الله عنه : " قال له النبي صلى الله عليه وسلم : " حبس الأصل وسبل الثمرة " أي اجعله وقفا حبيسا .

* ومنه الحديث الآخر : " ذلك حبيس في سبيل الله " أي موقوف على الغزاة يركبونه في الجهاد . والحبيس فعيل بمعنى مفعول .

( هـ ) ومنه حديث شريح : " جاء محمد بإطلاق الحبس " الحبس : جمع حبيس ، وهو بضم الباء ، وأراد به ما كان أهل الجاهلية يحبسونه ويحرمونه : من ظهور الحامي ، والسائبة ، والبحيرة ، وما أشبهها ، فنزل القرآن بإحلال ما حرموا منها ، وإطلاق ما حبسوه ، وهو في كتاب الهروي بإسكان الباء ، لأنه عطف عليه الحبس الذي هو الوقف ، فإن صح فيكون قد خفف الضمة ، كما قالوا في جمع رغيف رغف بالسكون ، والأصل الضم ، أو أنه أراد به الواحد .

( هـ ) وفي حديث طهفة : " لا يحبس دركم " أي لا تحبس ذوات الدر - وهو اللبن - عن المرعى بحشرها وسوقها إلى المصدق ليأخذ ما عليها من الزكاة ; لما في ذلك من الإضرار بها .

وفي حديث الحديبية : " ولكن حبسها حابس الفيل " هو فيل أبرهة الحبشي الذي جاء يقصد خراب الكعبة ، فحبس الله الفيل فلم يدخل الحرم ، ورد رأسه راجعا من حيث جاء ، يعني أن الله حبس ناقة النبي صلى الله عليه وسلم لما وصل إلى الحديبية فلم تتقدم ولم تدخل الحرم ، لأنه أراد أن يدخل مكة بالمسلمين .

( هـ ) وفي حديث الفتح : " أنه بعث أبا عبيدة على الحبس " هم الرجالة ، سموا بذلك لتحبسهم عن الركبان وتأخرهم ، واحدهم حبيس ، فعيل بمعنى مفعول أو بمعنى فاعل ، كأنه يحبس من يسير من الركبان بمسيره ، أو يكون الواحد حابسا بهذا المعنى ، وأكثر ما تروى الحبس - بتشديد الباء وفتحتها - فإن صحت الرواية فلا يكون واحدها إلا حابسا كشاهد وشهد ، فأما حبيس فلا يعرف في [ ص: 330 ] جمع فعيل فعل ، وإنما يعرف فيه فعل كما سبق ، كنذيز ونذر . وقال الزمخشري : " الحبس - يعني بضم الباء والتخفيف - الرجالة ، سموا بذلك لحبسهم الخيالة ببطء مشيهم ، كأنه جمع حبوس ، أو لأنهم يتخلفون عنهم ويحتبسون عن بلوغهم ، كأنه جمع حبيس " .

* ومنه حديث الحجاج : " إن الإبل ضمر حبس ما جشمت جشمت " هكذا رواه الزمخشري . وقال : الحبس جمع حابس ، من حبسه إذا أخره . أي إنها صوابر على العطش تؤخر الشرب ، والرواية بالخاء والنون .

( س ) وفيه : " أنه سأل : أين حبس سيل ، فإنه يوشك أن تخرج منه نار تضيء منها أعناق الإبل ببصرى " الحبس بالكسر : خشب أو حجارة تبنى في وسط الماء ليجتمع فيشرب منه القوم ويسقوا إبلهم . وقيل هو فلوق في الحرة يجتمع بها ماء لو وردت عليه أمة لوسعتهم . ويقال للمصنعة التي يجتمع فيها الماء حبس أيضا . وحبس سيل : اسم موضع بحرة بني سليم ، بينها وبين السوارقية مسيرة يوم ، وقيل إن حبس سيل - بضم الحاء - اسم للموضع المذكور .

وفيه ذكر : " ذات حبيس " بفتح الحاء وكسر الباء ، وهو موضع بمكة . وحبيس أيضا موضع بالرقة به قبور شهداء صفين .

التالي السابق


الخدمات العلمية