ذكر
توجيه عبد الرحمن بن جبلة
لما اتصل
بالأمين قتل
علي بن عيسى ، وهزيمة عسكره - وجه
عبد الرحمن بن جبلة الأنباري في عشرين ألف رجل نحو
همذان ، واستعمله عليها ، وعلى كل ما يفتحه من
[ ص: 417 ] أرض
خراسان ، وأمره بالجد ، وأمده بالأموال ، فسار حتى نزل
همذان ، وحصنها ورم سورها .
وأتاه
طاهر إلى
همذان ، فخرج إليه
عبد الرحمن على تعبئة ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، وصبر الفريقان ، وكثر القتل والجراح فيهم ، ثم انهزم
عبد الرحمن ودخل
همذان ، فأقام بها أياما ، حتى قوي أصحابه ، واندمل جراحهم ، ثم خرج إلى
طاهر ، فلما رآهم قال لأصحابه : إن
عبد الرحمن يريد أن يتراءى لكم ، فإذا قربتم منه قاتلكم ، فإن هزمتموه ودخل
المدينة قاتلكم على خندقها ، وإن هزمكم اتسع له المجال ، ولكن قفوا قريبا من عسكرنا وخندقنا ، فإن قرب منا قاتلناه .
فوقفوا فظن
عبد الرحمن أن الهيبة منعتهم ، فتقدم إليهم ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، وصبر الفريقان ، وكثر القتل في أصحاب
عبد الرحمن ، وجعل يطوف عليهم ، ويحرضهم ، ويأمرهم بالصبر ، ثم إن رجلا من أصحاب
طاهر حمل على صاحب علم
عبد الرحمن فقتله ، وزحمهم أصحاب
طاهر ، فانهزموا ، ووضع فيهم أصحاب
طاهر السيوف يقتلونهم ، حتى انتهوا إلى المدينة ، وأقام
طاهر على بابها محاصرا لها ، فاشتد بهم الحصار ، وضجر أهل المدينة ، فخاف
عبد الرحمن أن يثب به أهل المدينة مع ما فيه أصحابه من الجهد ، فأرسل إلى
طاهر يطلب الأمان لنفسه ولمن معه ، فأمنه ، فخرج عن
همذان .