[ ص: 122 ] 235
ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ومائتين
ذكر قتل إيتاخ
قد ذكرنا ما كان منه مع
المتوكل وسبب حجه ، فلما عاد من
مكة كتب
المتوكل إلى
إسحاق بن إبراهيم ببغداذ يأمره بحبسه ، وأنفذ
المتوكل كسوة وهدايا إلى طريق
إيتاخ ، فلما قرب
إيتاخ من
بغداد خرج
إسحاق بن إبراهيم إلى لقائه ، وكان
إيتاخ أراد المسير على
الأنبار إلى
سامرا ، فكتب إليه
إسحاق : إن أمير المؤمنين قد أمر أن تدخل
بغداد ، وأن يلقاك
بنو هاشم ، ووجوه الناس ، وأن تقعد لهم في دار
خزيمة بن خازم ، وتأمر لهم بالجوائز .
فجاء إلى
بغداد ، فلقيه
إسحاق بن إبراهيم ، فلما رآه
إسحاق أراد النزول له ، فحلف عليه
إيتاخ أن لا يفعل ، وكان في ثلاثمائة من غلمانه وأصحابه ، فلما صار بباب دار
خزيمة وقف
إسحاق ، وقال له : أصلح الله الأمير ، ليدخل ! فدخل
إيتاخ ، ووقف
إسحاق على الباب ، فمنع أصحابه من الدخول عليه ، ووكل بالأبواب ، وأقام عليها الحرس ، فحين رأى
إيتاخ ذلك ، قال : قد فعلوها ، ولو يفعلوا ذلك
ببغداذ ما قدروا عليه ، وأخذوا معه ولديه
منصورا ومظفرا ، وكاتبيه
nindex.php?page=showalam&ids=16048سليمان بن وهب ،
وقدامة بن زياد ، فحبسوا
ببغداذ أيضا .
وأرسل
إيتاخ إلى
إسحاق : قد علمت ما أمرني به
المعتصم والواثق في أمرك ، وكنت أدافع عنك ، فليشفعني ذلك عندك في ولدي ، فأما أنا فقد مر بي شدة ورخاء ، فما أبالي ما أكلت وما شربت ، وأما هذان الغلامان ( فلم يعرفا البؤس ) ،
[ ص: 123 ] فاجعل لهما طعاما يصلحهما .
ففعل
إسحاق ذلك ، وقيد
إيتاخ ، وجعل في عنقه ثمانين رطلا ، فمات في جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين ومائتين ، وأشهد
إسحاق جماعة من الأعيان أنه لا ضرب به ولا أثر .
وقيل : كان سبب موته أنهم أطعموه ، ومنعوه الماء حتى مات عطشا .
وأما ولداه فإنهما بقيا محبوسين حياة
المتوكل ، فلما ولي
المنتصر أخرجهما ، فأما
مظفر فبقى بعد أن خرج من السجن ثلاثة أشهر ومات ، وأما
منصور فعاش بعده .