[ ص: 193 ] 249
ثم دخلت سنة تسع وأربعين ومائتين
ذكر
غزو الروم وقتل علي بن يحيى الأرمني
في هذه السنة غزا
جعفر بن دينار الصائفة ، فافتتح حصنا ، ومطامير ، واستأذنه
عمر بن عبيد الله الأقطع في المسير إلى بلاد
الروم ، فأذن له ، فسار في خلق كثير من أهل
ملطية ، فلقيه الملك في جمع عظيم من أهل
الروم بمرج الأسقف ، فحاربه محاربة شديدة قتل فيها من الفريقين خلق كثير .
ثم أحاطت به
الروم ، وهم خمسون ألفا ، وقتل
عمر وممن معه ألفان من المسلمين في منتصف رجب .
فلما قتل
عمر بن عبيد الله خرج
الروم إلى الثغور الجزرية ، وكلبوا عليها وعلى أموال المسلمين وحرمهم ، فبلغ ذلك
علي بن يحيى ، وهو قافل من
أرمينية إلى
ميارفارقين في جماعة من أهلها ، ومن أهل
السلسلة ، فنفر إليهم ، فقتل في نحو من أربع مائة رجل وذلك في شهر رمضان .
ذكر
الفتنة ببغداذ
وفيها شغب الجند والشاكرية
ببغداذ ، وكان سبب ذلك أن الخبر لما اتصل بهم
وبسامرا وما قرب منها بقتل
عمر بن عبيد الله ،
وعلي بن يحيى ، وكانا من شجعان الإسلام ، شديدا بأسهما ، عظيما غناؤهما عن المسلمين في الثغور ، شق ذلك عليهم مع قرب مقتل أحدهما من الآخر ، وما لحقهم من استعظامهم قتل الأتراك
للمتوكل ،
[ ص: 194 ] واستيلائهم على أمور المسلمين ، ( يقتلون من يريدون من الخلفاء ، ويستخلفون من أحبوا من غير ديانة ، ولا نظر للمسلمين ) .
فاجتمعت العامة
ببغداذ بالصراخ ، والنداء بالنفير ، وانضم إليهم الأبناء ، و الشاكرية تظهر أنها تطلب الأرزاق ، وكان ذلك أول صفر ، ففتحوا السجون ، وأخرجوا من فيها ، وأحرقوا أحد الجسرين وقطعوا الآخر ، وانتهبوا دار
بشر ،
وإبراهيم ابني
هارون ، كاتبي
محمد بن عبد الله ، ثم أخرج أهل اليسار من
بغداد وسامرا أموالا كثيرة ، ففرقوها فيمن نهض إلى الثغور ، وأقبلت العامة من نواحي الجبال ،
وفارس ،
والأهواز ، وغيرها لغزو
الروم ، فلم يأمر الخليفة في ذلك بشيء ولم يوجه عسكره .
ذكر
الفتنة بسامرا
وفيها في ربيع الأول وثب نفر من الناس لا يدرى من هم
بسامرا ، ففتحوا السجن ، وأخرجوا من فيه ، فبعث في طلبهم جماعة من الموالي ، فوثب العامة بهم فهزموهم ، فركب
بغا ،
وأتامش ،
ووصيف ، وعامة الأتراك ، فقتلوا من العامة جماعة ، فرمي وصيف بحجر ، فأمر بإحراق ذلك المكان ، وانتهب المغاربة ، ثم سكن ذلك آخر النهار .
ذكر
قتل أتامش
في هذه السنة قتل
أتامش وكاتبه
شجاع ، وكان سبب ذلك أن
المستعين أطلق يد والدته ، ويد
أتامش ،
وشاهك الخادم في بيوت الأموال ، وأباحهم ( فعل ) ما أرادوا ، فكانت الأموال التي ترد من الآفاق يصير معظمها إلى هؤلاء الثلاثة ، فأخذ
أتامش أكثر
[ ص: 195 ] ما في بيوت الأموال ، وكان في حجره
العباس بن المستعين ، وكان ما فضل من هؤلاء ( الثلاثة ) أخذه
أتامش للعباس فصرفه في نفقاته ، وكانت الموالي تنظر إلى الأموال تؤخذ وهم في ضيقة ،
ووصيف وبغا بمعزل من ذلك ، فأغريا الموالي
بأتامش ، وأحكما أمره ، فاجتمعت الأتراك والفراغنة عليه ، وخرج إليه منهم أهل
الدور والكرخ ، فعسكروا في ربيع الآخر ، وزحفوا إليه وهو في
الجوسق مع
المستعين ، وبلغه الخبر ، فأراد الهرب ، فلم يمكنه ، واستجار
بالمستعين ، فلم يجره ، فأقاموا على ذلك يومين ، ثم دخلوا
الجوسق ، وأخذوا
أتامش ، فقتلوه ، وقتلوا كاتبه
شجاعا ، ونهبت دور
أتامش ، فأخذوا منه أموالا جمة وغير ذلك .
فلما قتل استوزر
المستعين أبا صالح عبد الله بن محمد بن يزداد ، وعزل
nindex.php?page=showalam&ids=14917الفضل بن مروان عن ديون الخراج ، وولاه
عيسى بن فرخانشاه ، وولي
وصيف الأهواز ،
وبغا الصغير فلسطين .
ثم غضب
بغا الصغير على
أبي صالح ، فهرب إلى
بغداد ، فاستوزر
المستعين محمد بن الفضل الجرجرائي ، وجعل على ديوان الرسائل
سعيد بن حميد ، فقال
الحمدوني :
لبس السيف سعيد بعدما كان ذا طمرين لا توبة له إن لله لآيات ، وذا آية لله فينا منزله
[ ص: 196 ] ذكر عدة حوادث
فيها
قتل علي بن الجهم بن بدر الشاعر بقرب
حلب ، كان توجه إلى الثغر ، فلقيه خيل لكلب ، فقتلوه وأخذوا ما معه ، فقال وهو في السياق :
أزيد في الليل ليل أم سال في الصبح سيل ذكرت أهل دجيل
وأين مني دجيل وكان منزله بشارع دجيل
.
وفيها عزل
nindex.php?page=showalam&ids=15636جعفر بن عبد الواحد عن القضاء ، ووليه
جعفر بن ( محمد ) بن عمار البرجمي الكوفي ، وقيل : كان ذلك سنة خمسين ومائتين .
وفيها أصاب أهل
الري زلزلة شديدة ورجفة تهدمت [ منها ] الدور ، ومات خلق من أهلها ، وهرب الباقون فنزلوا ظاهر
المدينة .
وحج بالناس هذه السنة
عبد الصمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم الإمام ، وهو والي
مكة .
( وفيها سير
محمد ، صاحب
الأندلس ، جيشا مع ابنه إلى مدينة
ألبة ،
والقلاع من بلد الفرنج ، فجالت الخيل في ذلك الثغر ، وغنمت ، وافتتحت بها حصونا منيعة .
[ الوفيات ]
وفيها توفي
أبو إبراهيم أحمد بن محمد بن الأغلب ، صاحب إفريقية ، ثالث عشر
[ ص: 197 ] ذي القعدة ، فلما مات ولي أخوه
زيادة الله بن محمد بن الأغلب ، فلما ولي
زيادة الله أرسل إلى
خفاجة بن سفيان ، أمير
صقلية ، يعرفه موت أخيه ، وأمره أن يقيم على ولايته ) .