[ ص: 14 ] 322
ثم دخلت سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة
ذكر
استيلاء ابن بويه على شيراز
في هذه السنة ظفر
nindex.php?page=showalam&ids=16647عماد الدولة بن بويه (
بياقوت ، وملك
شيراز ، وقد ذكرنا مسير عماد الدولة
بن بويه ) إلى القنطرة ، وسبق
ياقوت إليها ، فلما وصلها
ابن بويه وصده
ياقوت عن عبورها ، اضطر إلى محاربته ، فتحاربا في جمادى الآخرة ، وأحضر
nindex.php?page=showalam&ids=16647علي بن بويه أصحابه ، ووعدهم ( أنه يترجل معهم عند الحرب [ ويقاتل كأحدهم ] ، ومناهم ووعدهم ) الإحسان . وكان من سعادته أن جماعة من أصحابه استأمنوا إلى
ياقوت فحين رآهم
ياقوت ، أمر بضرب رقابهم ، فأيقن من مع
ابن بويه أنهم لا أمان لهم عنده ، فقاتلوا قتال مستقتل .
ثم إن
ياقوتا قدم أمام أصحابه رجالة كثيرة يقاتلون بقوارير النفط ، فانقلبت الريح في وجوههم ، واشتدت ، فلما ألقوا النار عادت النار عليهم ، فعلقت بوجوههم وثيابهم ، فاختلطوا وأكب عليهم أصحاب
ابن بويه ، فقتلوا أكثر الرجالة ، وخالطوا الفرسان فانهزموا ، فكانت الدائرة على
ياقوت وأصحابه .
فلما انهزم صعد على نشز مرتفع ، ونادى في أصحابه الرجعة ، فاجتمع إليه نحو أربعة آلاف فارس ، فقال لهم : اثبتوا ، فإن
الديلم يشتغلون بالنهب ، ويتفرقون ، فنأخذهم ، فثبتوا معه ، فلما رأى
ابن بويه ثباتهم ، نهى أصحابه عن النهب ، وقال : إن عدوكم يرصدكم لتشتغلوا بالنهب ، فيعطف عليكم ويكون هلاككم ، فاتركوا هذا ، وافرغوا من المنهزمين ثم عودوا إليه ، ففعلوا ذلك ، فلما رأى
ياقوت أنهم على قصده ، ولى منهزما واتبعه أصحاب
ابن بويه ، يقتلون ويأسرون ويغنمون الخيل والسلاح .
[ ص: 15 ] وكان
nindex.php?page=showalam&ids=17118معز الدولة أبو الحسين أحمد بن بويه في ذلك اليوم من أحسن الناس أثرا ، وكان صبيا لم تنبت لحيته ، وكان عمره تسع عشرة سنة ، ثم رجعوا إلى السواد ، فغنموا ووجدوا في سواده برانس لبود عليها أذناب الثعالب ، ووجدوا قيودا وأغلالا ، فسألوا عنها ، فقال أصحاب
ياقوت : إن هذه أعدت لكم لتجعل عليكم ، ويطاف بكم في البلاد ، فأشار أصحاب
ابن بويه أن يفعل بهم ( مثل ذلك ) ، فامتنع وقال : إنه بغي ، ولؤم ظفر ، ولقد لقي
ياقوت بغيه .
ثم أحسن إلى الأسارى وأطلقهم ، وقال : هذه نعمة ، والشكر عليها واجب يقتضي المزيد ، وخير الأسارى بين المقام عنده واللحوق
بياقوت ، فاختاروا المقام عنده ، فخلع عليهم وأحسن إليهم .
وسار من موضع الوقعة حتى نزل
بشيراز ، ونادى في الناس بالأمان ، وبث العدل ، وأقام لهم شحنة يمنع من ظلمهم ، واستولى على تلك البلاد ، وطلب الجند أرزاقهم ، فلم يكن عنده ما يعطيهم ، فكاد ينحل أمره ، فقعد في غرفة في دار الإمارة
بشيراز يفكر في أمره ، فرأى حية خرجت من موضع في سقف تلك الغرفة ، ودخلت في ثقب هناك ، فخاف أن تسقط عليه ، فدعا الفراشين ، ففتحوا الموضع ، فرأوا وراءه بابا ، فدخلوه إلى غرفة أخرى ، وفيها عشرة صناديق مملوءة مالا ومصوغا ، وكان فيها ما قيمته خمسمائة ألف دينار ، فأنفقها ، وثبت ملكه بعد أن كان قد أشرف على الزوال .
وحكي أنه أراد أن يفصل ثيابا ، فدلوه على خياط كان
لياقوت ، فأحضره ، فحضر خائفا ، وكان أصم ، فقال له عماد الدولة : لا تخف ، فإنما أحضرناك لتفصل ثيابا ، فلم يعلم ما قال ، فابتدأ وحلف بالطلاق والبراءة من دين الإسلام أن الصناديق التي عنده
لياقوت ما فتحها ، فتعجب الأمير من هذا الاتفاق ، فأمره بإحضارها ، فأحضر ثمانية صناديق فيها مال وثياب قيمته ثلاثمائة ألف دينار ، ثم ظهر له من ودائع
ياقوت وذخائر
يعقوب وعمرو ابني الليث جملة كثيرة ، فامتلأت خزائنه وثبت ملكه .
فلما تمكن من
شيراز وفارس ، كتب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=14341الراضي بالله ، وكانت قد أفضت إليه الخلافة ، على ما نذكره ، وإلى وزيره
nindex.php?page=showalam&ids=13549أبي علي بن مقلة يعرفهما أنه على الطاعة ،
[ ص: 16 ] ويطلب منه أن يقاطع على ما بيده من البلاد ، وبذل ألف ألف درهم ، فأجيب إلى ذلك ، فأنفذوا له الخلع ، وشرطوا على الرسول أن لا يسلم إليه الخلع إلا بعد قبض المال .
فلما وصل الرسول ، خرج عماد الدولة إلى لقائه ، وطلب منه الخلع واللواء ، فذكر له الشرط ، فأخذهما منه قهرا ، ولبس الخلع ، ونشر اللواء بين يديه ، ودخل البلد ، وغالط الرسول بالمال ، فمات الرسول عنده سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة ، وعظم شأنه ، وقصده الرجال من الأطراف .
ولما سمع
nindex.php?page=showalam&ids=17062مرداويج بما ناله من
ابن بويه ، قام لذلك وقعد وسار إلى
أصبهان للتدبير عليه ، وكان بها أخوه
وشمكير ; لأنه لما خلع
القاهر ، وتأخر
محمد بن ياقوت عنها ، عاد إليها
وشمكير بعد أن بقيت تسعة عشر يوما خالية من أمير ، فلما وصلها
nindex.php?page=showalam&ids=17062مرداويج ، رد أخاه
وشمكير إلى
الري .