[ ص: 236 ] 351
ثم دخلت سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة
ذكر
استيلاء الروم على عين زربة
في هذه السنة في المحرم ، نزل
الروم مع
الدمستق على
عين زربة ، وهي في سفح جبل عظيم ، وهو مشرف عليها ، وهم جمع عظيم ، فأنفذ بعض عسكره ، فصعدوا الجبل فملكوه ، فلما رأى ذلك أهلها ، وأن
الدمستق قد ضيق عليهم ومعه الدبابات ، وقد وصل إلى السور وشرع في النقب ، طلبوا الأمان فأمنهم
الدمستق ، وفتحوا له باب المدينة فدخلها ، فرأى أصحابه الذين في الجبل قد نزلوا إلى المدينة ، فندم على إجابتهم إلى الأمان .
ونادى في البلد أول الليل بأن يخرج جميع أهله إلى المسجد الجامع ، ومن تأخر في منزله قتل ، فخرج من أمكنه الخروج ، فلما أصبح أنفذ رجالته في المدينة ، وكانوا ستين ألفا ، وأمرهم بقتل من وجدوه في منزله ، فقتلوا خلقا كثيرا ( من الرجال والنساء والصبيان ، وأمر بجمع ما في البلد من السلاح فجمع ، فكان شيئا كثيرا ) .
وأمر من في المسجد بأن يخرجوا من البلد حيث شاءوا يومهم ذلك ، ومن أمسى قتل ، فخرجوا مزدحمين ، فمات بالزحمة جماعة ، ومروا على وجوههم لا يدرون أين يتوجهون ، فماتوا في الطرقات ، وقتل
الروم من وجدوه بالمدينة آخر النهار ، وأخذوا كل ما خلفه الناس من أموالهم وأمتعتهم ، وهدموا سوري المدينة .
[ ص: 237 ] وأقام
الدمستق في بلد الإسلام أحدا وعشرين يوما ، وفتح حول
عين زربة أربعة وخمسين حصنا للمسلمين بعضها بالسيف وبعضها بالأمان ، وإن حصنا من تلك الحصون التي فتحت بالأمان أمر أهله بالخروج منه فخرجوا ، فتعرض أحد
الأرمن لبعض حرم المسلمين ، فلحق المسلمين غيرة عظيمة ، فجردوا سيوفهم ، فاغتاظ
الدمستق لذلك ، فأمر بقتل جميع المسلمين وكانوا أربعمائة رجل ، وقتل النساء والصبيان ، ولم يترك إلا من يصلح أن يسترق .
فلما أدركه الصوم ، انصرف على أن يعود بعد العيد ، وخلف جيشه
بقيسارية ، وكان
ابن الزيات صاحب
طرسوس ، قد خرج في أربعة آلاف رجل من الطرسوسيين ، فأوقع بهم
الدمستق ، فقتل أكثرهم ، وقتل أخا
لابن الزيات ، فعاد إلى
طرسوس ، وكان قد قطع الخطبة
لسيف الدولة ( بن حمدان ، فلما أصابهم هذا الوهن ، أعاد أهل البلد الخطبة
لسيف الدولة ) وراسلوه بذلك ، فلما علم
ابن الزيات حقيقة الأمر ، صعد إلى
روشن في داره فألقى نفسه منه إلى نهر تحته فغرق ، وراسل
أهل بغراس الدمستق ، وبذلوا له مائة ألف درهم ، فأقرهم وترك معارضتهم .