[ ص: 650 ]
409
ثم دخلت سنة تسع وأربعمائة
ذكر
ولاية ابن سهلان العراق
في هذه السنة عرض
سلطان الدولة على
الرخجي ولاية
العراق ، فقال : ولاية
العراق تحتاج إلى من فيه عسف وخرق ، وليس غير
ابن سهلان ، وأنا أخلفه هاهنا . فولاه
سلطان الدولة العراق في المحرم ، فسار من عند
سلطان الدولة ، فلما كان ببعض الطريق ترك ثقله ، والكتاب ، وأصحابه ، وسار جريدة في خمسمائة فارس مع
طراد بن دبيس الأسدي يطلب
nindex.php?page=showalam&ids=17161مهارش ومضرا ابني
دبيس ، وكان
مضر قد قبض قديما عليه بأمر
فخر الملك ، فكان يبغضه لذلك ، وأراد أن يأخذ
جزيرة بني أسد منه ويسلمها إلى
طراد .
فلما علم
مضر ومهارش قصده لهما سارا عن
المذار ، فتبعهما ، والحر شديد ، فكاد يهلك هو ومن معه عطشا فكان من لطف الله به أن
بني أسد اشتغلوا بجمع أموالهم وإبعادها ، وبقي
الحسن بن دبيس فقاتل قتالا شديدا ، وقتل جماعة من
الديلم والأتراك ، ثم انهزموا ونهب
ابن سهلان أموالهم ، وصان حرمهم ونساءهم ، فلما نزل في خيمته قال : الآن ولدتني أمي ، وبذل الأمان
لمهارش ومضر وأهلهما ، وأشرك بينهم وبين
طراد في
الجزيرة ورحل .
وأنكر على
سلطان الدولة فعله ذلك ، ووصل إلى
واسط والفتن بها قائمة ، فأصلحها ، وقتل جماعة من أهلها .
[ ص: 651 ] وورد عليه الخبر باشتداد الفتن (
ببغداذ ، فسار إليها ) ، فدخلها أواخر شهر ربيع الآخر ، فهرب منه العيارون ، ونفى جماعة من العباسيين وغيرهم ، ونفى
أبا عبد الله بن النعمان فقيه الشيعة ، وأنزل
الديلم أطراف
الكرخ وباب
البصرة ، ولم يكن قبل ذلك ، ففعلوا من الفساد ما لم يشاهد مثله .
فمن ذلك أن رجلا من المستورين أغلق بابه عليه خوفا منهم ، فلما كان أول يوم من شهر رمضان خرج لحاجته ، فرآهم على حال عظيم من شرب الخمر والفساد ، فأراد الرجوع إلى بيته ، فأكرهوه على الدخول معهم إلى دار نزلوها ، وألزموه بشرب الخمر فامتنع فصبوها في فيه قهرا ، وقالوا له : قم إلى هذه المرأة فافعل بها ، فامتنع فألزموه فدخل معها إلى بيت في الدار ، وأعطاها دراهم ، وقال : هذا أول يوم في رمضان ، والمعصية فيه تتضاعف ، وأحب أن تخبريهم أنني قد فعلت . فقالت : لا كرامة ولا عزازة ، أنت تصون دينك عن الزناء ، وأنا أريد أن أصون أمانتي في هذا الشهر عن الكذب ! فصارت هذه الحكاية سائرة في
بغداذ .
ثم إن
أبا محمد بن سهلان أفسد
الأتراك والعامة ، فانحدر
الأتراك إلى
واسط ، فلقوا بها
سلطان الدولة ، فشكوا إليه فسكنهم ووعدهم الإصعاد إلى
بغداذ وإصلاح الحال .
واستحضر
سلطان الدولة ابن سهلان ، فخافه ومضى إلى
بني خفاجة ثم أصعد إلى
الموصل فأقام بها مدة ، ثم انحدر إلى
الأنبار ومنها إلى
البطيحة . فأرسل
سلطان الدولة إلى
البطيحة رسولا من
الشرابي ، فلم يسلمه ، فسير إليها عسكرا فانهزم
الشرابي ، وانحدر
ابن سهلان إلى
البصرة ، فاتصل بالملك
جلال الدولة ، وكان
الرخجي قد خرج مع
ابن سهلان إلى
الموصل ، ففارقه بها ، وأصلح حاله مع
سلطان الدولة وعاد إليه .