ذكر
الحرب بين أبي الفتح بن أبي الشوك وبين عمه مهلهل ( في هذه السنة كان بين
أبي الشوك وبين عمه
مهلهل حرب شديدة ) .
وكان سبب ذلك أن
أبا الفتح كان نائبا عن والده في
الدينور ، وقد عظم محله ، وافتتح عدة قلاع ، وحمى أعماله من
الغز ، وقتل فيهم ، فأعجب بنفسه ، وصار لا يقبل أمر والده .
فلما كان هذه السنة ، في شعبان ، سار إلى
قلعة بلوار ليفتحها ، وكان فيها زوجة صاحبها ، وكان من
الأكراد ، فعلمت أنها تعجز عن حفظها ، فراسلت
مهلهل بن محمد بن عناز ، وهو بحلله في نواحي الصامغان ، واستدعته لتسلم إليه القلعة ، فسأل الرسول عن
أبي الفتح : هو هو بنفسه على القلعة أم عسكره ؟ فأخبره أنه عاد عنها وبقي عسره ، فسار
مهلهل إليها ، فلما وصل رأى
أبا الفتح قد عاد إلى القلعة ، فقصد موضعا يوهم
أبا الفتح أنه لم يرد هذه القلعة ، ثم رجع عائدا ، وتبعه
أبو الفتح ولحقه وتراءت الفئتان ، فعاد
مهلهل إليه ، فاقتتلوا ، فرأى
أبو الفتح من أصحابه تغيرا
[ ص: 796 ] فخافهم ، فولى منهزما ، وتبعه أصحابه في الهزيمة ، وقتل عسكر
مهلهل من كان في عسكر
أبي الفتح من الرجالة ، وساروا في أثر المنهزمين يقتلون ويأسرون ، ووقف فرس
أبي الفتح به فأسر وأحضر عند عمه
مهلهل ، فضربه عدة مقارع ، وقيده ، وحبسه عنده وعاد .
ثم إن
أبا الشوك جمع عساكره وسار إلى
شهرزور وحصرها ، وقصد بلاد أخيه ليخلص ابنه
أبا الفتح ، فطال الأمر ولم يخلص ابنه ، وحمل
مهلهل اللجاج على أن استدعى
علاء الدولة بن كاكويه إلى بلد
أبي الفتح ، فدخل
الدينور وقرميسين ، وأساء إلى أهلها وظلمهم وملكها ، وكان ذلك سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة .