ذكر
وصول طغرلبك إلى بغداذ والخطبة له بها قد ذكرنا قبل مسير
طغرلبك إلى
الري ، وبعد عوده من غزو
الروم ، للنظر في ذلك الطرف ، فلما فرغ من
الري عاد إلى
همذان في المحرم من هذه السنة ، وأظهر أنه يريد الحج وإصلاح طريق
مكة ، والمسير إلى
الشام ومصر ، وإزالة المستنصر العلوي صاحبها .
وكاتب أصحابه
بالدينور وقرمسين وحلوان وغيرها ، فأمرهم بإعداد الأقوات والعلوفات . فعظم الإرجاف
ببغداذ ، وفت في أعضاد الناس ، وشغب
الأتراك ببغداذ ، وقصدوا ديوان الخلافة .
ووصل السلطان
طغرلبك إلى
حلوان ، وانتشر أصحابه في طريق
خراسان ، فأجفل الناس غربي
بغداذ ، وأخرج
الأتراك خيامهم إلى ظاهر
بغداذ .
وسمع
الملك الرحيم بقرب
طغرلبك من
بغداذ ، فأصعد من
واسط إليها ، وفارقه
nindex.php?page=showalam&ids=13870البساسيري في الطريق لمراسلة وردت من القائم في معناه إلى
الملك الرحيم أن
nindex.php?page=showalam&ids=13870البساسيري خلع الطاعة ، وكاتب الأعداء ، يعني
المصريين ، وأن الخليفة له على الملك عهود ، وله على الخليفة مثلها ، فإن آثره فقد قطع ما بينهما ، وإن أبعده وأصعد إلى
بغداذ تولى الديوان تدبير أمره ، فقال
الملك الرحيم ومن معه : نحن لأوامر الديوان متبعون ، وعنه منفصلون .
[ ص: 126 ] وكان سبب ذلك ما ذكر . وسار
nindex.php?page=showalam&ids=13870البساسيري إلى بلد
nindex.php?page=showalam&ids=15861نور الدولة دبيس بن مزيد لمصاهرة بينهما ، وأصعد
الملك الرحيم إلى
بغداذ . وأرسل
طغرلبك رسولا إلى الخليفة يبالغ في إظهار الطاعة والعبودية ، وإلى
الأتراك البغداذيين يعدهم الجميل والإحسان ، فأنكر
الأتراك ذلك ، وراسلوا الخليفة في المعنى ، وقالوا : إننا فعلنا
nindex.php?page=showalam&ids=13870بالبساسيري ما فعلنا ، وهو كبيرنا ، ومقدمنا ، بتقدم أمير المؤمنين ، ووعدنا أمير المؤمنين بإبعاد هذا الخصم عنا ، ونراه قد قرب منا ، ولم يمنع من المجيء . وسألوا التقدم عليه ( في العود ) ، فغولطوا في الجواب ، وكان رئيس الرؤساء يؤثر مجيئه ، ويختار انقراض الدولة الديلمية .
ثم إن
الملك الرحيم وصل إلى
بغداذ منتصف رمضان ، وأرسل إلى الخليفة يظهر له العبودية ، وأنه قد سلم أمره إليه ليفعل ما تقتضيه العواطف معه في تقرير القواعد مع السلطان
طغرلبك ، وكذلك قال من مع الرحيم من الأمراء ، فأجيبوا بأن المصلحة أن يدخل الأجناد خيامهم من ظاهر
بغداذ ، وينصبوها بالحريم ، ويرسلوا رسولا إلى
طغرلبك يبذلون له الطاعة والخطبة ، فأجابوا إلى ذلك وفعلوه ، وأرسلوا رسلا إليه ، فأجابهم إلى ما طلبوا ، ووعدهم الإحسان إليهم .
وتقدم الخليفة إلى الخطباء بالخطبة
لطغرلبك بجوامع
بغداذ ، فخطب له يوم الجمعة لثمان بقين من رمضان من السنة . وأرسل
طغرلبك يستأذن الخليفة في دخول
بغداذ ، فأذن له ، فوصل إلى
النهروان ، وخرج الوزير رئيس الرؤساء إلى لقائه في موكب عظيم من القضاة ، والنقباء ، والأشراف ، والشهود ، والخدم ، وأعيان الدولة ، وصحبه أعيان الأمراء من عسكر الرحيم . فلما علم
طغرلبك بهم أرسل إلى طريقهم الأمراء ووزيره
nindex.php?page=showalam&ids=15104أبا نصر الكندري ، فلما وصل رئيس الرؤساء ( إلى السلطان ) أبلغه رسالة الخليفة ، واستحلفه للخليفة ، وللملك الرحيم ، وأمراء الأجناد ، وسار
طغرلبك ودخل
بغداذ يوم الاثنين لخمس بقين من الشهر ، ونزل
بباب الشماسية ، ووصل إليه
[ ص: 127 ] قريش بن بدران صاحب
الموصل ، وكان في طاعته قبل هذا الوقت على ما ذكرناه .