[ ص: 200 ] 457
ثم دخلت سنة سبع وخمسين وأربعمائة .
ذكر
الحرب بين بني حماد والعرب .
في هذه السنة كانت حرب بين
nindex.php?page=showalam&ids=15382الناصر بن علناس بن حماد ومن معه من رجال المغاربة من
صنهاجة ومن
زناتة ، ومن العرب :
عدي والأثبج ، وبين
رياح وزغبة ،
وسليم ، ومع هؤلاء
المعز بن زيري الزناتي ، على مدينة
سبتة .
وكان سببها أن
حماد بن بلكين جد
الناصر كان بينه وبين
nindex.php?page=showalam&ids=15514باديس بن المنصور من الخلف ، وموت
باديس محاصرا قلعة
حماد ، ما هو مذكور ، ولولا تلك القلعة لأخذ سريعا ، وإنما امتنع هو وأولاده بها بعده ، وهي من أمنع الحصون ، وكذلك ما استمر بين
حماد nindex.php?page=showalam&ids=12968والمعز بن باديس ، ودخول
حماد في طاعته ما تقدم ذكره ، وكذلك أيضا ما كان بين
القائد بن حماد وبين
المعز ، وكان
القائد يضمر الغدر وخلع طاعة
المعز ، والعجز يمنعه من ذلك ، فلما رأى
القائد قوة العرب ، وما نال
المعز منهم ، خلع الطاعة ، واستبد بالبلاد ، وبعده ولده
محسن ، وبعده ابن عمه
بلكين بن محمد بن حماد ، وبعده ابن عمه
الناصر بن علناس بن محمد بن حماد ، وكل منهم متحصن بالقلعة ، وقد جعلوها دار ملكهم .
فلما رحل
المعز من
القيروان وصبرة إلى
المهدية تمكنت العرب ، ونهبت الناس ، وخربت البلاد ، فانتقل كثير من أهلها إلى بلاد
بني حماد لكونها جبالا وعرة يمكن الامتناع بها من العرب ، فعمرت بلادهم ، وكثرت أموالهم ، وفي نفوسهم الضغائن والحقود من
باديس ، ومن بعده من أولادهم ، يرثه صغير عن كبير .
[ ص: 201 ] وولي
تميم بن المعز بعد أبيه ، فاستبد كل من هو ببلد وقلعة بمكانه
وتميم صابر يداري ويتجلد .
واتصل
بتميم أن
nindex.php?page=showalam&ids=15382الناصر بن علناس يقع في مجلسه ويذمه ، وأنه عزم على المسير إليه ليحاصره
بالمهدية ، وأنه قد حالف بعض
صنهاجة ،
وزناتة ،
وبني هلال ليعينوه على حصار
المهدية . فلما صح ذلك عنده أرسل إلى أمراء
بني رباح ، فأحضرهم إليه وقال : أنتم تعلمون أن
المهدية حصن منيع ، أكثره في البحر ، لا يقاتل منه في البر غير أربعة أبراج يحميها أربعون رجلا ، وإنما جمع
الناصر هذه العساكر إليكم ، فقالوا له : الذي تقوله حق ، ونحب منك المعونة ، فأعطاهم المال ، والسلاح من الرماح والسيوف والدروع والدرق ، فجمعوا قومهم ، وتحالفوا ، واتفقوا على لقاء
الناصر .
وأرسلوا إلى من مع
الناصر من
بني هلال يقبحون عندهم مساعدتهم
للناصر ويخوفونهم منه إن قوي ، وأنه يهلكهم بمن معه من
زناتة وصنهاجة ، وأنهم إنما يستمر لهم المقام ، والاستيلاء على البلاد ، إذا تم الخلف وضعف السلطان ، فأجابهم
بنو هلال إلى الموافقة ، وقالوا : اجعلوا أول حملة تحملونها علينا ، فنحن ننهزم بالناس ، ونعود عليهم ، ويكون لنا ثلث الغنيمة ، فأجابوهم إلى ذلك ، واستقر الأمر .
وأرسل
المعز بن زيري الزناتي إلى من مع
الناصر من
زناتة بنحو ذلك ، فوعدوه أيضا أن ينهزموا ، فحينئذ رحلت
رياح وزناتة جميعها ، وسار إليهم
الناصر بصنهاجة ،
وزناتة ،
وبني هلال ، فالتقت العساكر بمدينة
سبتة ، فحملت
رياح على
بني هلال ، وحمل
المعز على
زناتة ، فانهزمت الطائفتان ، وتبعهم عساكر
الناصر منهزمين ، ووقع فيهم القتل ، فقتل فيمن قتل
القاسم بن علناس ، أخو
الناصر ، وكان مبلغ من قتل من
صنهاجة وزناتة أربعة وعشرين ألفا ، وسلم
الناصر في نفر يسير ، وغنمت العرب جميع ما كان في العسكر من مال وسلاح ودواب وغير ذلك ، فاقتسموها على ما
[ ص: 202 ] استقر بينهم ، وبهذه الوقعة تم للعرب ملك البلاد ، فإنهم قدموها في ضيق وفقر وقلة دواب فاستغنوا ، وكثرت دوابهم وسلاحهم ، وقل المحامي عن البلاد ، وأرسلوا الألوية والطبول وخيم
الناصر بدوابها إلى
تميم ، فردها وقال : يقبح بي أن آخذ سلب ابن عمي ! فأرضى العرب بذلك .