[ ص: 290 ] 477
ثم دخلت سنة سبع وسبعين وأربعمائة .
ذكر
الحرب بين فخر الدولة بن جهير وابن مروان وشرف الدولة .
قد تقدم ذكر مسير
فخر الدولة بن جهير في العساكر السلطانية إلى
ديار بكر ، فلما كانت هذه السنة سير
السلطان إليه أيضا جيشا فيهم الأمير
أرتق بن أكسب ، وأمرهم بمساعدته .
وكان
ابن مروان قد مضى إلى
شرف الدولة وسأله نصرته على أن يسلم إليه
آمد ، وحلف كل واحد لصاحبه ، وكل منهما يرى أن صاحبه كاذب لما كان بينهما من العداوة المستحكمة ، واجتمعا على حرب
فخر الدولة ، وسارا إلى
آمد ، وقد نزل
فخر الدولة بنواحيها ، فلما رأى
فخر الدولة اجتماعهما مال إلى الصلح ، وقال : لا أوثر أن يحل بالعرب بلاء على يدي . فعرف
التركمان ما عزم عليه ، فركبوا ليلا وأتوا إلى العرب وأحاطوا بهم في ربيع الأول ، والتحم القتال واشتد ، فانهزمت العرب ، ولم يحضر هذه الوقعة الوزير
فخر الدولة ، ولا أرتق ، وغنم التركمان حلل العرب ودوابهم ، وانهزم
شرف الدولة ، وحمى نفسه حتى وصل إلى فصيل
آمد ، وحصره
فخر الدولة ومن معه . فلما رأى
شرف الدولة أنه محصور خاف على نفسه ، فراسل الأمير
أرتق ، وبذل له مالا ، وسأله أن يمن عليه بنفسه ، ويمكنه من الخروج من
آمد ، وكان هو على حفظ الطرق والحصار ، فلما سمع
أرتق ما بذل له
شرف الدولة أذن له في الخروج ، فخرج منها في الحادي والعشرين من ربيع الأول ، وقصد الرقة ، وأرسل إلى
أرتق بما كان
[ ص: 291 ] وعده به ، وسار
ابن جهير إلى
ميافارقين ومعه من الأمراء بهاء الدولة
منصور بن مزيد ، وابنه
nindex.php?page=showalam&ids=16151سيف الدولة صدقة ، ففارقوه وعادوا إلى
العراق ، وسار
فخر الدولة إلى
خلاط .
ولما استولى العسكر السلطاني على حلل العرب ، وغنموا أموالهم ، وسبوا حريمهم ، بذل
nindex.php?page=showalam&ids=16151سيف الدولة صدقة بن منصور بن مزيد الأموال ، وافتك أسرى
بني عقيل ونساءهم وأولادهم وجهزهم جميعهم وردهم إلى بلادهم ، ففعل أمرا عظيما ، وأسدى مكرمة شريفة ، ومدحه الشعراء في ذلك فأكثروا ، فمنهم
محمد بن خليفة السنبسي يذكر ذلك في قصيدة :
كما أحرزت شكر بني عقيل بآمد يوم كظهم الحذار غداة رمتهم الأتراك طرا
بشهب في حوافلها ازورار فما جبنوا ، ولكن فاض بحر
عظيم لا تقاومه البحار فحين تنازلوا تحت المنايا
وفيهن الرزية والدمار مننت عليهم ، وفككت عنهم
وفي أثناء حبلهم انتشار ولولا أنت لم ينفك منهم
أسير حين أعلقه الإسار
.
في أبيات كثيرة ، وذكرها أيضا
البندنيجي فأحسن ، ولولا خوف التطويل لذكرت أبياته .