[ ص: 423 ] 492
ثم دخلت سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة
ذكر
عصيان الأمير أنر وقتله لما سار السلطان
بركيارق إلى
خراسان ولى
الأمير أنر بلاد فارس جميعها ، وكانت قد تغلب عليها
الشوانكارة على اختلاف بطونهم وقبائلهم ، واستعانوا بصاحب كرمان
إيران شاه بن قاورت ، فاجتمعوا ، وصافوا
الأمير أنر ، وكسروه ، وعاد مفلولا إلى
أصبهان ، وأرسل إلى السلطان يستأذنه في اللحاق به إلى
خراسان ، فأمره بالمقام ببلد الجبال ، وولاه إمارة
العراق ، وكاتب العساكر المجاورة له بطاعته . فأقام
بأصبهان ، وسار منها إلى أقطاعه بأذربيجان ، وعاد وقد انتشر أمر
الباطنية بأصبهان ، فندب نفسه لقتالهم ، وحصر قلعة على جبل
أصبهان .
واتصل به
nindex.php?page=showalam&ids=13604مؤيد الملك بن نظام الملك ، وكان
ببغداذ ، فسار منها إلى الحلة ، فأكرمه صدقة ، وسار من عنده إلى
الأمير أنر ، فلما اجتمع
nindex.php?page=showalam&ids=12335بالأمير أنر خوفه هو وغيره من السلطان
بركيارق ، وأعظموا عليه الاجتماع به ، وحسنوا له البعد عنه ، وأشاروا عليه بمكاتبة
nindex.php?page=showalam&ids=14504غياث الدين محمد بن ملكشاه ، وهو إذ ذاك بكنجة ، فعزم على المخالفة للسلطان ، وتحدث فيه ، فظهر ذلك ، فزاد خوفه من السلطان ، فجمع من العساكر المعروفين بالشجاعة نحو عشرة آلاف فارس ، وسار من
أصبهان إلى
الري ، وأرسل إلى السلطان يقول : إنه مملوك ، ومطيع ، إن سلم إليه
مجد الملك البلاساني ، وإن لم يسلمه إليه فهو عاص خارج عن الطاعة .
[ ص: 424 ] فبينما هو يفطر ، وكانت عادته أن يصوم أياما من الأسبوع ، فلما قارب الفراغ من الإفطار هجم عليه ثلاثة نفر من
الأتراك المولدين
بخوارزم ، وهم من جملة خيله ، فصدم أحدهم المشعل فألقاه ، وصدم الآخر الشمعة فأطفأها ، وضربه الثالث بالسكين فقتله ، وقتل معه جانداره ، واختلط الناس في الظلمة ، ونهبوا خزائنه ، وتفرق عسكره ، وبقي ملقى فلم يوجد ما يحمل عليه ، ثم حمل إلى داره
بأصبهان ، ودفن بها .
ووصل خبر قتله إلى السلطان
بركيارق ، وهو
بخوار الري ، قد خرج من
خراسان عازما على قتله وهو على غاية الحذر من قتاله وعاقبة أمره ، وفرح
مجد الملك البلاساني بقتله ، وكان له مثل يومه عن قريب ، وكان عمر
أنر سبعا وثلاثين سنة ، وكان كثير الصوم والصلاة والخير والمحبة للصالحين .