ذكر
ما جرى بين هذا القمص وبين صاحب أنطاكية
لما أطلق
القمص وسار إلى
أنطاكية أعطاه
طنكري صاحبها ثلاثين ألف دينار ، وخيلا ، وثيابا ، وغير ذلك ، وكان
طنكري قد أخذ
الرها من أصحاب
القمص حين أسر ، فخاطبه الآن في ردها عليه ، فلم يفعل ، فخرج من عنده إلى تل باشر فلما قدم عليه
جوسلين ، وقد أطلقه
جاولي ، سره ذلك ، وفرح به .
وسار إليهما
طنكري ، صاحب
أنطاكية ، بعساكره ليحاربهما ، قبل أن يقوى أمرهما ، ويجمعا عسكرا ، ويلحق بهما
جاولي وينجدهما ، فكانوا يقتتلون ، فإذا فرغوا من القتال اجتمعوا وأكل بعضهم مع بعض وتحادثوا .
وأطلق
القمص من الأسرى المسلمين مائة وستين أسيرا كلهم من سواد
حلب ، وكساهم وسيرهم .
وعاد
طنكري إلى
أنطاكية من غير فصل حال في معنى
الرها ، فسار
القمص وجوسلين وأغارا على حصون
طنكري صاحب
أنطاكية ، والتجآ إلى ولاية
كواسيل ، وهو رجل أرمني ومعه خلق كثير من المرتدين وغيرهم ، وهو صاحب
رعبان ،
وكيسوم ، وغيرهما من القلاع ، شمالي
حلب ، فأنجد
القمص بألف فارس من المرتدين ، وألفي راجل ، فقصدهم
طنكري ، فتنازعوا في أمر
الرها ، فتوسط بينهم
[ ص: 567 ] البطرك الذي لهم ، وهو عندهم كالإمام الذي للمسلمين ، لا يخالف أمره ، وشهد جماعة من المطارنة والقسيسين :
أن
بيمند خال
طنكري قال له ، لما أراد ركوب البحر ، والعود إلى بلاده ، ليعيد
الرها إلى
القمص ، إذا خلص من الأسر ، فأعادها عليه
طنكري تاسع صفر ، وعبر
القمص الفرات ، ليسلم إلى أصحاب
جاولي المال ، والأسرى ، فأطلق في طريقه خلقا كثيرا من الأسرى من
حران وغيرها .
وكان
بسروج ثلاثمائة مسلم ضعفى ، فعمر أصحاب
جاولي مساجدهم ، وكان رئيس
سروج مسلما قد ارتد ، فسمعه أصحاب
جاولي يقول في الإسلام قولا شنيعا ، فضربوه ، وجرى بينهم وبين
الفرنج بسببه نزاع ، فذكر ذلك للقمص ، فقال : هذا لا يصلح لنا ولا للمسلمين ، فقتله .