[ ص: 582 ] 504
ثم دخلت سنة أربع وخمسمائة ذكر
ملك الفرنج مدينة صيدا في هذه السنة ، في ربيع الآخر ، ملك
الفرنج مدينة
صيدا ، من ساحل
الشام .
وسبب ذلك : أنه وصل في البحر إلى
الشام ستون مركبا للفرنج مشحونة بالرجال والذخائر مع بعض ملوكهم ليحج
البيت المقدس ، وليغزو بزعمه المسلمين ، فاجتمع به
بغدوين ملك القدس ، وتقررت القاعدة بينهم أن يقصدوا بلاد الإسلام ، فرحلوا من
القدس ، ونزلوا مدينة
صيدا ثالث ربيع الآخر من هذه السنة ، وضايقوها برا وبحرا .
وكان الأسطول المصري مقيما على
صور ، فلم يقدر على إنجاد
صيدا ، فعمل
الفرنج برجا من الخشب ، وأحكموه ، وجعلوا عليه ما يمنع النار عنه والحجارة ، وزحفوا به ، فلما عاين أهل
صيدا ذلك ضعفت نفوسهم ، وأشفقوا أن يصيبهم مثل ما أصاب أهل
بيروت ، فأرسلوا قاضيها ومعه جماعة من شيوخها إلى
الفرنج ، وطلبوا من ملكهم الأمان فأمنهم على أنفسهم ، وأموالهم ، والعسكر الذي عندهم ، ومن أراد المقام بها عندهم أمنوه ، ومن أراد المسير عنهم لم يمنعوه ، وحلف لهم على ذلك ، فخرج الموالي ، وجماعة كثيرة من أعيان أهل البلد ، في العشرين من جمادى الأولى إلى
دمشق ، وأقام بالبلد خلق كثير تحت الأمان ، وكانت مدة الحصار سبعة وأربعين يوما .
ورحل
بغدوين عنها إلى
القدس ، ثم عاد إلى
صيدا ، بعد مدة يسيرة ، فقرر على
[ ص: 583 ] المسلمين الذين أقاموا بها عشرين ألف دينار ، فأفقرهم ، واستغرق أموالهم .