ذكر
ملك علي بن سكمان البصرة
في هذه السنة استولى
علي بن سكمان على
البصرة .
وسبب ذلك : أن السلطان
محمدا كان قد أقطع
البصرة الأمير
آفسنقر البخاري ، فاستخلف بها نائبا يعرف
بسنقر البياتي ، فأحسن السيرة إلى حد أن الماء
بالبصرة ملح ، فأقام سفنا وجرارا للضعفاء والسابلة ، تحمل لهم الماء العذب .
فلما توفي السلطان
محمد عزم هذا الأمير سنقر على القبض على أمير اسمه
غزغلي ، مقدم
الأتراك الإسماعيلية ، وهو مذكور ، وحج بالناس على
البصرة عدة سنين ، على أمير آخر اسمه
سنقر ألب ، وهو مقدم
الأتراك البلدقية ، فاجتمعا عليه ، وقبضاه وقيداه ، وأخذا القلعة وما وجداه له .
ثم إن
سنقر ألب أراد قتله ، فمنعه
غزغلي ، فلم يقبل منه ، فلما قتله وثب
غزغلي على
سنقر ألب فقتله ، ونادى في الناس بالسكون ، فاطمأنوا .
وكان أمير الحاج من
البصرة هذه السنة ، أمير اسمه
علي بن سكمان أحد الأمراء البلدقية ، وكان في نفس
غزغلي عليه حقد ، حيث تم الحج على يده ، ولأنه خاف أن يأخذ بثأر
سنقر ألب ، إذ هو مقدم البلدقية ، فأرسل
غزغلي إلى عرب البرية يأمرهم بقصد الحجاج ونهبهم ، فطمعوا بذلك ، وقصدوا الحجاج فقاتلوهم ، وحماهم
ابن سكمان ، وأبلى بلاء حسنا ، وجعل يقاتلهم وهو سائر نحو
البصرة إلى أن بقي بينه وبين
البصرة يومان ، فأرسل إليه
غزغلي يمنعه من قصد
البصرة ، فقصد
العوني ، أسفل دجلة ، هذا والعرب يقاتلونه ، فلما وصل إلى
العوني حمل على العرب حملة صادقة ، فهزمهم .
وسار
غزغلي إلى
علي بن سكمان في عدد كثير ، وكان
علي في قلة ، فتحاربا ، واقتتلت الطائفتان ، فأصابت فرس
غزغلي نشابة فسقط وقتل ، وسار
علي إلى
البصرة فدخلها ، وملك القلعة ، وأقر عمال
آفسنقر البخاري ونوابه ، وكاتبه بالطاعة ، وكان عند السلطان ، وسأله أن يكون نائبا عنه
بالبصرة ، فلم يجبه
آقسنقر إلى ذلك ، فطرد حينئذ
[ ص: 647 ] نواب
آقسنقر ، واستولى على البلد ، وتصرف تصرف الأصحاب ، مستبدا ، واستقر فيه ، وأحسن السيرة إلى سنة أربع عشرة وخمسمائة ، فسير السلطان
محمود الأمير
آقسنقر البخاري في عسكر إلى
البصرة ، فأخذها من
علي بن سكمان .