ذكر
ظفر المسلمين بالهند
لما سلم
شهاب الدين وعاد إلى
آجرة ، وأتاه المدد من أخيه
غياث الدين ، عاد
الهنود فجددوا سلاحهم ، ووفروا جمعهم ، وأقاموا عوض من قتل منهم ، وسارت ملكتهم وهم معها في عدد يضيق عنه الفضاء ، فراسلها
شهاب الدين يخدعها بأنه يتزوجها ، فلم تجبه إلى ذلك ، وقالت : إما الحرب ، وإما أن تسلم بلاد
الهند وتعود إلى
غزنة ، فأجابها إلى العود إلى
غزنة ، وأنه يستأذن أخاه
غياث الدين ؛ فعل ذلك مكرا وخديعة .
وكان بين العسكرين نهر ، وقد حفظ
الهنود المخاضات ، فلا يقدر أحد من المسلمين [ أن ] يجوزه ، وأقاموا ينتظرون ما يكون من جواب
غياث الدين بزعمهم ، فبينما هم كذلك إذ وصل إنسان هندي إلى
شهاب الدين ، وأعلمه أنه يعرف مخاضا قريبا من عسكر
الهنود ، وطلب أن يرسل معه جيشا يعبرهم المخاض ، ويكبسون
الهنود وهم غارون غافلون ، فخاف
شهاب الدين أن تكون خديعة ومكرا ، فأقام له ضمناء من
أهل آجرة والمولتان ، فأرسل معه جيشا كثيفا ، وجعل عليهم الأمير
الحسين بن خرميل الغوري ، وهو الذي صار بعد صاحب
هراة ، وكان من الشجاعة والرأي بالمنزلة المشهورة .
[ ص: 197 ] فسار الجيش مع الهندي ، فعبروا النهر ، فلم يشعر
الهنود إلا وقد خالطهم المسلمون ، ووضعوا السيف فيهم ، فاشتغل الموكلون بحفظ المخاضات ، فعبر
شهاب الدين وباقي العساكر ، وأحاطوا
بالهنود ، وأكثروا القتل فيهم ، ونادوا بشعار الإسلام ، فلم ينج من الهنود إلا من عجز المسلمون عن قتله وأسره ، وقتلت ملكتهم ، وتمكن
شهاب الدين بعد هذه الوقعة من بلاد
الهند ، وأمن معرة فسادهم ، والتزموا له بالأموال وسلموا إليه الرهائن وصالحوه وأقطع مملوكه
قطب الدين أيبك مدينة
دهلي ، وهي كرسي الممالك التي فتحها من
الهند ، فأرسل عسكرا من الخليج مع
محمد بن بختيار ، فملكوا من بلاد
الهند مواضع ما وصل إليها مسلم قبله ، حتى قاربوا حدود
الصين من جهة المشرق .
وقد حدثني صديق لي من التجار بوقعتين تشبهان هاتين الوقعتين المذكورتين وبينهما بعض الخلاف ، وقد ذكرناهما سنة ثمان وثمانين وخمسمائة .