ذكر
حصر الفرنج مدينة حماة
في هذه السنة ، في جمادى الأولى ، حصر
الفرنج أيضا مدينة
حماة . وسبب
[ ص: 430 ] ذلك أنه وصل من البحر إلى الساحل الشامي كند كبير من
الفرنج من أكبر طواغيتهم ، فرأى
صلاح الدين بمصر قد عاد منهزما ، فاغتنم خلو البلاد ، لأن
شمس الدولة بن أيوب كان
بدمشق ينوب عن
صلاح الدين ، وليس عنده كثير من العسكر ، وكان أيضا كثير الانهماك في اللذات مائلا إلى الراحات ، فجمع ذلك الكند الفرنجي من
بالشام من
الفرنج ، وفرق فيهم الأموال ، وسار إلى مدينة
حماة فحصرها وبها صاحبها
شهاب الدين محمود الحارمي ، خال
صلاح الدين ، وهو مريض شديد المرض ، وكان طائفة من العسكر الصلاحي بالقرب منها ، فدخلوا إليها وأعانوا من بها .
وقاتل
الفرنج على البلد قتالا شديدا وهجموا بعض الأيام على طرف منه ، وكادوا يملكون البلد قهرا وقسرا ، فاجتمع أهل البلد مع العسكر إلى تلك الناحية واشتد القتال ، وعظم الخطب على الفريقين ، واستقل المسلمون وحاموا عن الأنفس والأهل والمال ، فأخرجوا
الفرنج من البلد إلى ظاهره ، ودام القتال ظاهر البلد ليلا ونهارا ، وقويت نفوس المسلمين حين أخرجوهم من البلد ، وطمعوا فيهم ، وأكثروا فيهم القتل ، فرحل
الفرنج حينئذ خائبين ، وكفى الله المسلمين شرهم ، فساروا إلى
حارم فحصروها ، وكان مقامهم على
حماة أربعة أيام .
ولما رحل
الفرنج عن
حماة مات صاحبها
شهاب الدين الحارمي ، وكان له ابن من أحسن الشباب مات قبله بثلاثة أيام .