ذكر
وفاة يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن وولاية ابنه محمد
في هذه [ السنة ] ، ثامن عشر ربيع الآخر ، وقيل جمادى الأولى توفي
أبو يوسف يعقوب بن أبي يعقوب يوسف بن عبد المؤمن ، صاحب
المغرب والأندلس بمدينة
سلا ، وكان قد سار إليها من
مراكش ، وكان قد بنى مدينة محاذية لسلا وسماها
المهدية ، من أحسن البلاد وأنزهها ، فسار إليها يشاهدها ، فتوفي بها ، وكانت ولايته خمس عشرة سنة ، وكان ذا جهاد للعدو ، ودين ، وحسن سيرة ، وكان يتظاهر بمذهب الظاهرية ، وأعرض عن مذهب
مالك ، فعظم أمر الظاهرية في أيامه ، وكان
[ ص: 162 ] بالمغرب منهم خلق كثير يقال لهم الجرمية ، ومنسوبون إلى
محمد بن جرم ، رئيس الظاهرية ، إلا أنهم مغمورون بالمالكية . ففي أيامه ظهروا وانتشروا ، ثم في آخر أيامه استقضى الشافعية على بعض البلاد ومال إليهم .
ولما مات قام ابنه
أبو عبد الله محمد بالملك بعده ، وكان أبوه قد ولاه عهده في حياته ، فاستقام الملك وأطاعه الناس ، وجهز جمعا من العرب وسيرهم إلى الأندلس احتياطا من الفرنج .