ذكر
الفتنة بفيروزكوه من خراسان
في هذه السنة كانت فتنة عظيمة بعسكر غياث الدين - ملك
الغور وغزنة - وهو
بفيروزكوه ، عمت الرعية والملوك والأمراء ، وسببها أن
الفخر محمد بن عمر بن الحسين الرازي ، الإمام المشهور ، الفقيه الشافعي ، كان قدم إلى
غياث الدين مفارقا
لبهاء الدين سام ، صاحب
باميان ، وهو ابن أخت
غياث الدين ، فأكرمه
غياث الدين ، واحترمه ، وبالغ في إكرامه ، وبنى له مدرسة
بهراة بالقرب من الجامع ، فقصده الفقهاء من البلاد ، فعظم ذلك على
الكرامية ، وهم كثيرون
بهراة ، وأما الغورية فكلهم
[ ص: 166 ] كرامية ، وكرهوه ، وكان أشد الناس عليه الملك
ضياء الدين ، وهو عم
غياث الدين ، وزوج ابنته ، فاتفق أن حضر الفقهاء من
الكرامية والحنفية والشافعية عند
غياث الدين بفيروزكوه للمناظرة ، وحضر
nindex.php?page=showalam&ids=16785فخر الدين الرازي والقاضي
مجد الدين عبد المجيد بن عمر المعروف بابن القدوة ، وهو من
الكرامية الهيصمية ، وله عندهم محل كبير لزهده وعلمه وبيته ، فتكلم الرازي . فاعترض عليه
ابن القدوة ، وطال الكلام ، فقام
غياث الدين ، فاستطال عليه الفخر وسبه وشتمه وبالغ في أذاه ،
وابن القدوة لا يزيد على أن يقول لا يفعل مولانا إلا وأخذك الله ، أستغفر الله ، فانفصلوا على هذا .
وقام
ضياء الدين في هذه الحادثة وشكا إلى
غياث الدين ، وذم الفخر ، ونسبه إلى الزندقة ومذهب الفلاسفة ، فلم يصغ
غياث إليه ، فلما كان الغد وعظ ابن عم
المجد بن القدوة بالجامع ، فلقد صعد المنبر قال : بعد أن حمد الله وصلى على النبي - صلى الله عليه و سلم - : لا إله إلا الله ، (
ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ) ، أيها الناس ، إنا لا نقول إلا ما صح عندنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأما علم
أرسطاطاليس وكفريات
nindex.php?page=showalam&ids=13251ابن سينا ، وفلسفة
nindex.php?page=showalam&ids=14868الفارابي ، فلا نعلمها ، فلأي حال يشتم بالأمس شيخ من شيوخ الإسلام يذب عن دين الله ، وعن سنة نبيه ! وبكى وضج الناس ، وبكى
الكرامية واستغاثوا ، وأعانهم من يؤثر بعد
nindex.php?page=showalam&ids=16785الفخر الرازي عن السلطان وثار الناس من كل جانب وامتلأ البلد فتنة ، وكادوا يقتتلون ، ويجري ما يهلك فيه خلق كثير ، فبلغ ذلك السلطان ، فأرسل جماعة من عنده إلى الناس وسكنهم ، ووعدهم بإخراج الفخر من عندهم وتقدم إليه بالعود إلى
هراة ، فعاد إليها .