[ ص: 207 ] ذكر
خروج كسيلة بن لمزم البربري على عقبة
هذا
كسيلة بن لمزم البربري كان قد أسلم لما ولي
أبو المهاجر إفريقية وحسن إسلامه ، وهو من أكابر
البربر وأبعدهم صوتا ، وصحب
أبا المهاجر ، فلما ولي
عقبة عرفه
أبو المهاجر محل
كسيلة وأمره بحفظه فلم يقبل واستخف به ، وأتى
عقبة بغنم فأمر
كسيلة بذبحها وسلخها مع السلاخين .
فقال
كسيلة : هؤلاء فتياني وغلماني يكفونني المئونة .
فشتمه وأمره بسلخها ، ففعل ، فقبح
أبو المهاجر هذا عند
عقبة ، فلم يرجع ، فقال له : أوثق الرجل فإني أخاف عليك منه ! فتهاون به
عقبة .
فأضمر
كسيلة الغدر ، فلما كان الآن ورأى
الروم قلة من مع
عقبة أرسلوا إلى
كسيلة وأعلموه حاله ، وكان في عسكر
عقبة مضمرا للغدر ، وقد أعلم
الروم ذلك وأطمعهم .
فلما راسلوه أظهر ما كان يضمره وجمع أهله وبني عمه وقصد
عقبة ، فقال
أبو المهاجر : عاجله قبل أن يقوى جمعه .
وكان
أبو المهاجر موثقا في الحديد مع
عقبة .
فزحف
عقبة إلى
كسيلة ، فتنحى
كسيلة عن طريقه ليكثر جمعه ، فلما رأى
أبو المهاجر ذلك تمثل بقول
أبي محجن الثقفي :
كفى حزنا أن تمرغ الخيل بالقنا وأترك مشدودا علي وثاقيا إذا قمت عناني الحديد وأغلقت
مصارع من دوني تصم المناديا
فبلغ
عقبة ذلك فأطلقه ، فقال له : الحق بالمسلمين وقم بأمرهم وأنا أغتنم الشهادة . فلم يفعل وقال : وأنا أيضا أريد الشهادة .
فكسر عقبة والمسلمون أجفان سيوفهم وتقدموا إلى
البربر وقاتلوهم ، فقتل المسلمون جميعهم لم يفلت منهم أحد ، وأسر
محمد بن أوس الأنصاري في نفر يسير ، فخلصهم صاحب
قفصة وبعث بهم إلى
القيروان .
فعزم
زهير بن قيس البلوي على القتال ، فخالفه
nindex.php?page=showalam&ids=15775حنش الصنعاني وعاد إلى
[ ص: 208 ] مصر ، فتبعه أكثر الناس ، فاضطر
زهير إلى العود معهم ، فسار إلى
برقة وأقام بها .
وأما
كسيلة فاجتمع إليه جميع أهل
إفريقية ، وقصد
إفريقية ، وبها أصحاب الأنفال والذراري من المسلمين ، فطلبوا الأمان من
كسيلة فآمنهم ودخل
القيروان واستولى على
إفريقية وأقام بها إلى أن قوي أمر
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان فاستعمل على
إفريقية زهير بن قيس البلوي ، وكان مقيما
ببرقة مرابطا .