[ ص: 363 ] 70
ثم دخلت سنة سبعين
في هذه السنة
اجتمعت الروم واستجاشوا على من بالشام ، فصالح
عبد الملك ملكهم على أن يؤدي إليه كل جمعة ألف دينار خوفا منه على المسلمين .
وفيها شخص
مصعب إلى
مكة ، في قول بعضهم ، ومعه أموال كثيرة ودواب كثيرة ، قسمها في قومه وغيرهم ، ونهض ونحر بدنا كثيرة .
وحج بالناس هذه السنة
عبد الله بن الزبير ، وكان عماله فيها من تقدم ذكرهم .
ذكر
يوم الجفرة
وفي هذه السنة سار
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان يريد
مصعبا ، فقال له
خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد : إن وجهتني إلى
البصرة ، وأتبعتني خيلا يسيرة - رجوت أن أغلب لك عليها . فوجهه
عبد الملك ، فقدمها مستخفيا في خاصته حتى نزل على
عمرو بن أصمع ، وقيل : نزل على
علي بن أصمع الباهلي ، فأرسل
عمرو إلى
عباد بن الحصين ، وهو على شرطة
ابن معمر ، وكان
مصعب قد استخلفه على
البصرة ، ورجا
ابن أصمع أن
[ ص: 364 ] يبايعه
عباد بن الحصين وقال له : إني قد أجرت
خالدا ، وأحببت أن تعلم ذلك لتكون ظهرا لي . فوافاه الرسول حين نزل عن فرسه ، فقال
عباد : قل له : والله لا أضع لبد فرسي حتى آتيك في الخيل . فقال
ابن أصمع لخالد : إن
عبادا يأتينا الساعة ، ولا أقدر أن أمنعك عنه ، فعليك
بمالك بن مسمع .
فخرج
خالد يركض وقد أخرج رجليه من الركابين حتى أتى
مالكا ، فقال : أجرني . فأجاره ، وأرسل إلى
بكر بن وائل والأزد ، فكان أول راية أتته راية
بني يشكر ، وأقبل
عباد في الخيل ، فتواقفوا ولم يكن بينهم قتال .
فلما كان الغد عدوا إلى جفرة
نافع بن الحارث ، ومع
خالد رجال من
تميم ، منهم :
صعصعة بن معاوية ،
وعبد العزيز بن بشر ،
ومرة بن محكان وغيرهم ، وكان أصحاب
خالد جفرية ينتسبون إلى
الجفرة ، وأصحاب
ابن معمر زبيرية ، وكان من أصحاب
خالد :
nindex.php?page=showalam&ids=16518عبيد الله بن أبي بكرة ،
وحمران بن أبان ،
والمغيرة بن المهلب ، ومن الزبيرية :
قيس بن الهيثم السلمي .
ووجه
مصعب زحر بن قيس الجعفي مددا
لابن معمر في ألف ، ووجه
عبد الملك عبيد الله بن زياد بن ظبيان مددا
لخالد . فأرسل
عبيد الله إلى
البصرة من يأتيه بالخبر ، فعاد إليه فأخبره بتفرق القوم ، فرجع إلى
عبد الملك . فاقتتلوا أربعة وعشرين يوما ، وأصيبت عين
مالك بن مسمع ، وضجر من الحرب ، ومشت بينهم السفراء ، فاصطلحوا على أن يخرج
خالد من
البصرة ، فأخرجه
مالك . ثم لحق
مالك بثأج .
وكان
عبد الملك قد رجع إلى
دمشق ، فلم يكن
لمصعب همة إلا
البصرة ، وطمع أن يدرك بها
خالدا ، فوجده قد خرج ، وسخط
مصعب على
ابن معمر ، وأحضر أصحاب
خالد فشتمهم وسبهم ، فقال
لعبيد الله بن أبي بكرة : يا ابن مسروح ، إنما أنت ابن كلبة تعاورها الكلاب ، فجاءت بأحمر وأصفر وأسود من كل كلب بما يشبهه ، وإنما كان أبوك عبدا نزل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حصن
الطائف ، ثم ادعيتم أن
أبا سفيان زنى بأمكم ، والله لئن بقيت لألحقنكم بنسبكم . ثم دعا
حمران فقال له : إنما أنت ابن يهودية علج نبطي سبيت من
عين التمر . وقال
للحكم بن المنذر بن الجارود ،
ولعبد الله بن فضالة [ ص: 365 ] الزهراني ،
ولعلي بن أصمع ،
ولعبد العزيز بن بشر ، وغيرهم نحو هذا من التوبيخ والتقريع ، وضربهم مائة مائة ، وحلق رءوسهم ولحاهم ، وهدم دورهم وصحرهم في الشمس ثلاثا ، وحملهم على طلاق نسائهم ، وجمر أولادهم في البعوث ، وطاف بهم في أقطار
البصرة ، وأحلفهم أن لا ينكحوا الحرائر ، وهدم دار
مالك بن مسمع وأخذ ما فيها ، فكان مما أخذ جارية ولدت له
عمرو بن مصعب .
وأقام
مصعب بالبصرة ، ثم شخص إلى
الكوفة ، فلم يزل بها حتى خرج إلى حرب
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان .
(
المغيرة بضم الميم ، وبالغين ، والراء .
خالد بن أسيد بفتح الهمزة ، وكسر السين .
والجفرة بضم الجيم ، وسكون الراء ) .
[ وفاة
عاصم بن عمر ]
وفي هذه السنة مات
nindex.php?page=showalam&ids=16278عاصم بن عمر بن الخطاب ، وهو جد
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز لأمه ، وولد قبل موت النبي - صلى الله عليه وسلم - بسنتين .