[ ص: 222 ] ذكر
شعيا والملك الذي معه من بني إسرائيل ومسير سنحاريب إلى بني إسرائيل قيل : كان الله تعالى قد أوحى إلى
موسى ما ذكر في القرآن :
وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا .
فكثر في
بني إسرائيل الأحداث والذنوب ، وكان الله يتجاوز عنهم متعطفا عليهم ، وكان من أول ما أنزل الله عليه عقوبة لذنوبهم أن ملكا منهم يقال له
صدقية ، وكانت عادتهم إذا ملك عليهم رجل بعث الله إليه نبيا يرشده ويوحي إليه ما يريد ، ولم يكن لهم غير شريعة التوراة ، فلما ملك
صدقية بعث الله تعالى إليه
شعيا ، وهو الذي بشر
بعيسى وبمحمد - عليهما السلام - فلما قارب أن ينقضي ملكه عظمت الأحداث في
بني إسرائيل ، فأرسل الله عليهم
سنحاريب ملك
بابل في عساكر يغص بها الفضاء ، فسار حتى نزل
بيت المقدس وأحاط به وملك
بني إسرائيل مريض في ساقه قرحة ، فأتاه النبي
شعيا وقال له : إن الله يأمرك أن توصي وتعهد فإنك ميت ، فأقبل الملك على الدعاء والتضرع ، فاستجاب الله له ، فأوحى الله له إلى
شعيا أنه قد زاد في عمر الملك
[ ص: 223 ] صدقية خمس عشرة سنة وأنجاه من عدوه
سنحاريب ، فلما قال له ذلك زال عنه الألم وجاءته الصحة .
ثم إن الله أرسل على عساكر
سنحاريب ملكا صاح بهم فماتوا غير ستة نفر ، منهم :
سنحاريب ، وخمسة من كتابه ، أحدهم
بختنصر في قول بعضهم . فخرج
صدقية وبنو إسرائيل إلى معسكرهم فغنموا ما فيه والتمسوا
سنحاريب فلم يجدوه ، فأرسل الطلب في أثره فوجدوه ومعه أصحابه ، فأخذوهم وقيدوهم وحملوهم إليه ، فقال
لسنحاريب : كيف رأيت صنع ربنا بك ؟ فقال : قد أتاني خبر ربكم ونصره إياكم فلم أسمع ذلك ، فطاف بهم حول
بيت المقدس ثم سجنهم .
فأوحى الله إلى
شعيا يأمر الملك بإطلاق
سنحاريب ومن معه ، فأطلقهم ، فعادوا إلى
بابل وأخبرهم قومهم بما فعل الله بهم وبعساكرهم ، وبقي بعد ذلك سبع سنين ثم مات .
وقد زعم بعض أهل الكتاب أن
بني إسرائيل سار إليهم قبل
سنحاريب ملك من ملوك
بابل يقال له كفرو ، وكان
بختنصر ابن عمه وكاتبه ، وأن الله أرسل عليهم ريحا فأهلكت جيشه وأفلت هو وكاتبه ، وأن هذا البابلي قتله ابن له ، وأن
بختنصر غضب لصاحبه فقتل ابنه الذي قتله ، وأن
سنحاريب سار بعد ذلك وكان ملكه
بنينوى وغزا مع ملك
أذربيجان يومئذ
بنو إسرائيل ، فأوقع بهم ثم اختلف
سنحاريب وملك
أذربيجان وتحاربا حتى تفانى عسكرهما ، فخرج
بنو إسرائيل وغنموا ما معهم .
وقيل : كان ملك
سنحاريب إلى أن توفي تسعا وعشرين سنة ، وكان ملك
بني إسرائيل الذي حصره
سنحاريب حزقيا ، فلما توفي
حزقيا ملك بعده ابنه
منشى خمسا وخمسين سنة .
[ ص: 224 ] ثم ملك بعده
آمون إلى أن قتله أصحابه اثنتي عشرة سنة ، ثم ملك ابنه
يوشيا إلى أن قتله
فرعون مصر الأجدع إحدى وثلاثين سنة ، ثم ملك بعده ابنه
ياهو أحاز بن يوشيا ، فعزله
فرعون الأجدع واستعمل بعده
يوياقيم بن ياهو أحاز ووظف عليه خراجا يحمله إليه ، وكان ملكه اثنتي عشرة سنة ، ثم ملك بعده ابنه
يوياحين ، فغزاه
بختنصر وأشخصه إلى
بابل بعد ثلاثة أشهر من ملكه ، وملك بعده
يقونيا ابن عمه ، وسماه
صدقية ، وخالفه فغزاه وظفر به وحمله إلى
بابل وذبح ولده بين يديه وسمل عينيه ، وخرب
بيت المقدس والهيكل ، وسبى
بني إسرائيل ، وحملهم إلى
بابل ، فمكثوا إلى أن عادوا إليه ، على ما نذكره إن شاء الله ، وكان جميع ملك
صدقية إحدى عشرة سنة .
وقيل : إن
شعيا أوحى الله إليه ليقوم في
بني إسرائيل يذكرهم بما يوحي الله على لسانه لما كثرت فيهم الأحداث ، ففعل ، فعدوا عليه ليقتلوه ، فهرب منهم ، فلقيته شجرة فانفلقت له ، فدخلها ، وأخذ الشيطان بهدب ثوبه وأراه
بني إسرائيل ، فوضعوا المنشار على الشجرة فنشروها حتى قطعوه في وسطها .
وقيل في أسماء ملوكهم غير ذلك ، تركناه كراهة التطويل ولعدم الثقة بصحة النقل به .