[ ص: 221 ] 117
ثم دخلت سنة سبع عشرة ومائة
في هذه السنة
غزا معاوية بن هشام الصائفة اليسرى ، وغزا
سليمان بن هشام الصائفة اليمنى من نحو
الجزيرة ، وفرق سراياه في
أرض الروم . وفيها بعث
مروان بن محمد ، وهو على
إرمينية ، بعثين ، وافتتح أحدهما حصونا ثلاثة من
اللان ، ونزل الآخر على
تومانشاه ، فنزل أهلها على الصلح .
ذكر
عزل عاصم عن خراسان وولاية أسد
وفي هذه السنة عزل
nindex.php?page=showalam&ids=17243هشام بن عبد الملك عاصم بن عبد الله عن
خراسان ، وولاها
nindex.php?page=showalam&ids=14998خالد بن عبد الله القسري ، فاستخلف
خالد عليها أخاه
أسد بن عبد الله .
وكان سبب ذلك أن
عاصما كتب إلى
هشام : أما بعد ، فإن الرائد لا يكذب أهله ، وإن
خراسان لا تصح إلا [ أن ] تضم إلى [ صاحب ]
العراق ، فتكون موادها ومعونتها من قريب لتباعد أمير المؤمنين [ عنها ] وتباطؤ غياثه . فضم
هشام خراسان إلى
nindex.php?page=showalam&ids=14998خالد بن عبد الله القسري ، وكتب إليه : ابعث أخاك يصلح ما أفسد ، فإن كان رجية كانت به . فسير
خالد إليها أخاه
أسدا .
فلما بلغ
عاصما إقبال
أسد ، وأنه قد سير على مقدمته
محمد بن مالك الهمداني صالح
الحارث بن سريج ، وكتبا بينهما كتابا على أن ينزل الحارث أي كور
خراسان شاء ، وأن يكتبا جميعا إلى
هشام يسألانه بكتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - فإن أبى اجتمعا عليه ، فختم الكتاب بعض الرؤساء ، وأبى
يحيى بن حضين بن [ ص: 222 ] المنذر أن يختم وقال : هذا خلع لأمير المؤمنين ، فانفسخ ذلك .
وكان
عاصم بقرية بأعلى
مرو ، وأتاه
الحارث بن سريج ، فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدا ، فانهزم
الحارث وأسر من أصحابه أسرى كثيرة ، منهم
عبد الله بن عمرو المازني رأس أهل
مرو الروذ ، فقتل
عاصم الأسرى ، وكان فرس
الحارث قد رمي بسهم فنزعه
الحارث ، وألح على الفرس بالضرب والحضر ليشغله عن أثر الجراحة ، وحمل عليه رجل من أهل
الشام ، فلما قرب منه مال
الحارث عن فرسه ثم اتبع الشامي فقال له : أسألك بحرمة الإسلام في دمي ! فقال : انزل عن فرسك . فنزل عن فرسه ، فركبه
الحارث ، فقال رجل من
عبد القيس في ذلك :
تولت قريش لذة العيش واتقت بنا كل فج من خراسان أغبرا فليت قريشا أصبحوا ذات ليلة
يعومون في لج من البحر أخضرا
وعظم أهل
الشام يحيى بن ( حضين لما صنع في نقض الكتاب ، وكتبوا كتابا بما كان وبهزيمة
الحارث مع
محمد بن مسلم العنبري . فلقي
أسد بن عبد الله بالري ، وقيل
ببيهق ، فكتب إلى أخيه ) ينتحل أنه هزم
الحارث ويخبره بأمر
يحيى ، فأجاز
خالد يحيى بعشرة آلاف ( دينار و [ كساه ] مائة حلة .
وكانت ولاية
عاصم أقل من سنة ، فحبسه
أسد وحاسبه ، وطلب منه مائة ألف درهم ) وقال : إنك لم تفز ، وأطلق
عمارة بن حريم وعمال
الجنيد .
فلما قدم
أسد لم يكن
لعاصم إلا
مرو ونيسابور ، والحارث
بمرو الروذ ،
وخالد بن عبد الله الهجري بآمل موافق
للحارث ، فخاف
أسد إن قصد
الحارث بمرو الروذ أن يأتي
الهجري من قبل
آمل ، وإن قصد
الهجري قصد
الحارث مرو من قبل
مرو الروذ . فأجمع على توجيه
عبد الرحمن بن نعيم في أهل
الكوفة والشام إلى
الحارث بمرو الروذ ، وسار
أسد بالناس إلى
آمل ، فلقيه خيل
آمل عليهم
زياد القرشي مولى حيان النبطي وغيره ، فهزموا حتى رجعوا إلى
المدينة ، فحصرهم
أسد ونصب عليهم المجانيق وعليهم
[ ص: 223 ] الهجري من أصحاب
الحارث ، فطلبوا الأمان ، فأرسل إليهم
أسد : ما تطلبون ؟ قالوا : كتاب الله وسنة نبيه ، صلى الله عليه وسلم ، وأن لا تأخذ أهل المدن بجنايتنا . فأجابهم إلى ذلك ، فاستعمل عليهم
يحيى بن نعيم بن هبيرة الشيباني وسار يريد
بلخا ، فأخبر أن أهلها قد بايعوا
سليمان بن عبد الله بن خازم ، فسار حتى قدمها واتخذ سفنا وسار منها إلى
ترمذ ، فوجد
الحارث محاصرا لها ، وبها
سنان الأعرابي ، فنزل
أسد دون النهر ولم يطق العبور إليهم ولا يمدهم ، وخرج أهل
ترمذ من المدينة فقاتلوا
الحارث قتالا شديدا ، واستطرد
الحارث لهم ، وكان قد وضع كمينا ، فتبعوه ،
nindex.php?page=showalam&ids=17204ونصر بن سيار مع
أسد جالس ينظر ، فأظهر الكراهية ، وعرف أن
الحارث قد كادهم ، وظن
أسد أنما ذلك شفقة على
الحارث حين ولي ، وأراد معاتبة
نصر ، وإذا الكمين قد خرج عليهم فانهزموا .
ثم ارتحل
أسد إلى
بلخ ، وخرج أهل
ترمذ إلى
الحارث فهزموه وقتلوا جماعة من أهل البصائر ، منهم :
عكرمة وأبو فاطمة . ثم سار
أسد إلى
سمرقند في طريق
زم ، فلما قدم
زم بعث إلى
الهيثم الشيباني ، وهو في حصن من حصونها ، وهو من أصحاب
الحارث ، فقال له
أسد : إنما أنكرتم [ على قومكم ] ما كان من سوء السيرة ، ولم يبلغ ذلك السبي واستحلال الفروج ولا غلبة المشركين على مثل
سمرقند ، وأنا أريد
سمرقند ، ولك عهد الله وذمته أن لا ينالك مني شر ، ولك المواساة والكرامة والأمان ( ولمن معك ، وإن أبيت ما دعوتك إليه فعلي عهد الله إن أنت رميت بسهم أن لا أؤمنك بعده ، وإن جعلت لك ألف أمان لا أفي لك به . فخرج إليه على الأمان ) ، وسار معه إلى
سمرقند ، ثم ارتفع إلى
ورغسر ، وماء
سمرقند منها ، فسكر الوادي وصرفه عن
سمرقند ، ثم رجع إلى
بلخ .
وقيل : إن أمر
أسد وأصحاب
الحارث كان سنة ثماني عشرة .