فصل
ومنها : أنه لا يجوز
وطء المظاهر منها قبل التكفير ، وقد اختلف هاهنا في موضعين . أحدهما : هل له مباشرتها دون الفرج قبل التكفير أم لا ؟ والثاني : أنه إذا كانت كفارته الإطعام فهل له الوطء قبله أم لا ؟ وفي المسألتين قولان للفقهاء ، وهما روايتان عن
أحمد ، وقولان
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي .
ووجه منع الاستمتاع بغير الوطء ظاهر قوله تعالى : (
من قبل أن يتماسا ) ؛ ولأنه شبهها بمن يحرم وطؤها ، ودواعيه ، ووجه الجواز أن التماس كناية عن الجماع ، ولا يلزم من تحريم الجماع تحريم دواعيه ، فإن الحائض يحرم جماعها دون دواعيه ، والصائم يحرم منه الوطء دون دواعيه ، والمسبية يحرم
[ ص: 306 ]
وطؤها دون دواعيه ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة .
وأما المسألة الثانية : وهي وطؤها قبل التكفير : إذا كان بالإطعام ، فوجه الجواز أن الله سبحانه قيد التكفير بكونه قبل المسيس في العتق والصيام ، وأطلقه في الإطعام ، ولكل منهما حكمة ، فلو أراد التقييد في الإطعام لذكره كما ذكره في العتق والصيام ، وهو سبحانه لم يقيد هذا ويطلق هذا عبثا بل لفائدة مقصودة ، ولا فائدة إلا تقييد ما قيده وإطلاق ما أطلقه . ووجه المنع استفادة حكم ما أطلقه مما قيده، إما بيانا على الصحيح ، وإما قياسا ، قد ألغي فيه الفارق بين الصورتين ، وهو سبحانه لا يفرق بين المتماثلين ، وقد ذكر (
من قبل أن يتماسا ) مرتين ، فلو أعاده ثالثا لطال به الكلام ، ونبه بذكره مرتين على تكرر حكمه في الكفارات ، ولو ذكره في آخر الكلام مرة واحدة ، لأوهم اختصاصه بالكفارة الأخيرة ، ولو ذكره في أول مرة لأوهم اختصاصه بالأولى ، وإعادته في كل كفارة تطويل ، وكان أفصح الكلام وأبلغه وأوجزه ما وقع . وأيضا فإنه نبه بالتكفير قبل المسيس بالصوم ، مع تطاول زمنه وشدة الحاجة إلى مسيس الزوجة على أن اشتراط تقدمه في الإطعام الذي لا يطول زمنه أولى .