أحدها : أن هذا ممنوع ، والذي هو مشتق من الجمع إنما هو من باب الياء من المعتل ، من قرى يقري ، كقضى يقضي ،
والقرء من المهموز من بنات الهمز ، من قرأ يقرأ ، كنحر ينحر ، وهما أصلان مختلفان فإنهم يقولون : قريت الماء في الحوض أقريه ، أي : جمعته ، ومنه سميت القرية ، ومنه قرية النمل : للبيت الذي تجتمع فيه ؛ لأنه يقريها ، أي يضمها ويجمعها . وأما المهموز ، فإنه من الظهور والخروج على وجه التوقيت والتحديد ، ومنه قراءة
[ ص: 564 ] القرآن ؛ لأن قارئه يظهره ويخرجه مقدارا محدودا لا يزيد ولا ينقص ، ويدل عليه قوله : (
إن علينا جمعه وقرآنه ) [ القيامة : 17 ] ، ففرق بين الجمع والقرآن . ولو كانا واحدا ، لكان تكريرا محضا ؛ ولهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما : (
فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ) [ القيامة : 18 ] ، فإذا بيناه ، فجعل قراءته نفس إظهاره وبيانه ، لا كما زعم
أبو عبيدة أن القرآن مشتق من الجمع .
ومنه قولهم : ما قرأت هذه الناقة سلى قط ، وما قرأت جنينا هو من هذا الباب ، أي ما ولدته وأخرجته وأظهرته ، ومنه : فلان يقرؤك السلام ، ويقرأ عليك السلام ، هو من الظهور والبيان ، ومنه قولهم : قرأت المرأة حيضة أو حيضتين ، أي : حاضتهما ؛ لأن
الحيض ظهور ما كان كامنا ، كظهور الجنين ، ومنه : قروء الثريا ، وقروء الريح : وهو الوقت الذي يظهر المطر والريح ، فإنهما يظهران في وقت مخصوص ، وقد ذكر هذا الاشتقاق المصنفون في كتب الاشتقاق ، وذكره
أبو عمرو وغيره ، ولا ريب أن هذا المعنى في الحيض أظهر منه في الطهر .