أسرار الصوم وشروطه الباطنة :
هي ستة أمور :
الأول :
غض البصر وكفه عن الاتساع في النظر إلى كل ما يذم ويكره وإلى كل ما يشغل القلب ويلهي عن ذكر الله تعالى .
الثاني :
حفظ اللسان عن الهذيان والكذب والغيبة والنميمة والفحش والجفاء والخصومة والمراء .
الثالث :
كف السمع عن الإصغاء إلى كل مكروه لأن كل ما حرم قوله حرم الإصغاء إليه ، ولذلك سوى الله عز وجل بين السمع وأكل السحت فقال تعالى : (
سماعون للكذب أكالون للسحت ) [ المائدة : 42 ] .
الرابع :
كف بقية الجوارح من اليد والرجل عن الآثام وعن المكاره ، وكف البطن عن الشبهات وقت الإفطار فلا معنى للصوم عن الطعام الحلال ثم الإفطار على الحرام ، فمثال هذا الصائم مثال من يبني قصرا ويهدم مصرا ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004231كم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش " فقيل : " هو الذي يفطر على الحرام " وقيل : " هو الذي يمسك عن الطعام
[ ص: 62 ] الحلال ويفطر على لحوم الناس بالغيبة وهو حرام " ، وقيل : " هو الذي لا يحفظ جوارحه عن الآثام " .
الخامس :
أن لا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار بحيث يمتلئ ، فما من وعاء أبغض إلى الله عز وجل من بطن ملئ من حلال ، وكيف يستفاد من الصوم قهر عدو الله وكسر الشهوة إذا تدارك الصائم عند فطره ما فاته ضحوة نهاره ، وربما يزيد عليه في ألوان الطعام ، حتى استمرت العادات أن يدخر جميع الأطعمة لرمضان فيؤكل من الطعام فيه ما لا يؤكل في عدة أشهر ، ومعلوم أن مقصود الصوم الخواء وكسر الهوى لتقوى النفس على التقوى ، وإذا دفعت المعدة من ضحوة نهار إلى العشاء حتى هاجت شهوتها وقويت رغبتها ثم أطعمت من اللذات وأشبعت زادت لذتها ، وتضاعفت قوتها ، وانبعث من الشهوات ما عساها كانت راكدة لو تركت على عادتها ، فروح الصوم وسره تضعيف القوى التي هي وسائل الشيطان في العود إلى الشرور ، ولن يحصل ذلك إلا بالتقليل ، ومن جعل بين قلبه وبين صدره مخلاة من الطعام فهو عن الملكوت محجوب .
السادس :
أن يكون قلبه بعد الإفطار مضطربا بين الخوف والرجاء إذ ليس يدري أيقبل صومه فهو من المقربين ، أو يرد عليه فهو من الممقوتين ، وليكن كذلك في آخر كل عبادة يفرغ منها .