سورة براءة
مسألة : في قوله تعالى : (
ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ) هل يفسر القيام هنا بزيارة القبور ، وهل يستدل بذلك على أن الحكمة في زيارته صلى الله عليه وسلم قبر أمه أنه لإحيائها لتؤمن به بدليل أن تاريخ الزيارة كان بعد النهي .
الجواب : المراد
بالقيام على القبر الوقوف عليه حالة الدفن وبعده ساعة ، ويحتمل أن يعم الزيارة أيضا أخذا من الإطلاق ، وتاريخ الزيارة كان قبل النهي لا بعده ، فإن الذي صح في الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم زارها عام
الحديبية ، والآية نازلة بعد غزوة
تبوك ، ثم الضمير في منهم خاص بالمنافقين ، وإن كان بقية المشركين يلحقون بهم قياسا ، وقد صح في حديث الزيارة أنه استأذن ربه في ذلك فأذن له ، وهذا الإذن عندي يستدل به على أنها من
[ ص: 366 ] الموحدين لا من المشركين كما هو اختياري ، ووجه الاستدلال به أنه نهاه عن
القيام على قبور الكفار ، وأذن له في القيام على قبر أمه فدل على أنها ليست منهم ، وإلا لما كان يأذن له فيه ، واحتمال التخصيص خلاف الظاهر ، ويحتاج إلى دليل صريح ، فإن قلت : استئذانه يدل على خلافه ، وإلا لزارها من غير استئذان قلت : لعله كان عنده وقفة في صحة توحيد من كان في الجاهلية حتى أوحي إليه بصحة ذلك .