مسألة : في
إعراب تركيب وقع في بعض الكتب نصه : يقضي بالشفعة دافعا عهدتها الدفع إلى ذي اليد . هل " دافعا " حال من الفاعل وهو " الدفع " ، أو من النائب عنه وهو " بالشفعة " ؟
الجواب : الوجه إعرابه حالا من النائب عن الفاعل ، وهو بالشفعة لا من الدفع الذي هو فاعل اسم الفاعل وهو دافع ، والذي ذكر أنه حال منه إنما هو تفسير معنى لا تفسير إعراب ، وتفسير المعنى يتسمح فيه من غير مراعاة ما تقتضيه الصناعة الإعرابية ، والذي تقتضيه الصناعة قطعا هو كونه حالا من " بالشفعة " ، وإن كان في المعنى إنما هو صفة للدفع ، فهو حال سببية جارية على غير من هي له ، كالصفة السببية والخبر السببي ، فهو كقولك : جيء بهند ضاربا أبوها عمرا ، ف " ضاربا " حال من " بهند " لا من أبوها الفاعل به ، وإن كان في المعنى له ، ونظيره في الصفة : مررت بامرأة ضارب أبوها عمرا ، وفي الخبر هند ضارب أبوها عمرا ، فضارب صفة لامرأة لا لأبيها ، وخبر عن هند لا عن أبيها ، وإن كان في المعنى إنما هو للأب ، وتفكيك العبارة يقضي بالشفعة حال كونها دافعا عهدتها الدفع إلى آخره ، ولو أعرب حالا من الدفع لكان حقه التأخير ، وحينئذ يصير التركيب : يقضي بالشفعة الدفع إلى ذي اليد دافعا عهدتها . وهذا تركيب مفلت غير ملتئم ، وأعجب من ذلك أن يظن أن " دافعا " حال من " الدفع " ، وهو فاعل به ، وفي ذلك محذوران من جهة العربية ; أحدهما : أنه باعتبار كونه حالا منه حقه التأخير عنه ، وباعتبار كونه عاملا في الدفع الفاعلية حقه التقدم عليه ، وهذان أمران متناقضان . الثاني : أن اسم الفاعل هنا وهو دافع إنما سوغ عمله الفاعلية والمفعولية كونه حالا كما تقرر في العربية أنه إنما يعمل في مواضع مخصوصة منها كونه حالا ، فلا بد أن يكون حالا قبل العمل حتى يصح عمله ، فلا يصح أن يعمل الفاعلية ثم يصير حالا من الفاعل ; لأنه عمل قبل وجود الشرط ، وذلك باطل بالإجماع .
[ ص: 333 ]