قال وسمعت
أبا سليمان ، يقول : "
خرج عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا عليهما السلام يتماشيان فصدم يحيى امرأة ، فقال له
عيسى : يا ابن خالة لقد أصبت اليوم خطيئة ما أظن أن يغفر لك أبدا ، قال : وما هي يا ابن خالة ، قال : امرأة صدمتها ، قال : والله ما شعرت بها ، قال : سبحان الله ، بدنك معي فأين روحك ؟ قال : معلق بالعرش ولو أن قلبي اطمأن إلى
جبريل لظننت أني ما عرفت الله طرفة عين " .
حدثنا أبي ، ثنا
أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا
الحسن بن عبد الله بن شاكر ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12208أحمد بن أبي الحواري ، قال : سمعت
أبا سليمان يقول : " يكون في الطاعة يلذ بها
فتخطر الدنيا على قلبه فتنغص عليه أو تنكد عليه " .
قال : وسمعت
أبا سليمان ، يقول : "
لو مر المطيعون بالمعاصي مطروحة في السكك ما التفتوا إليها " .
حدثنا أبي ، ثنا
أحمد بن الحسين ، ثنا
أحمد ، قال : سمعت
أبا سليمان ، يقول : "
لأن تضرب رأسي بالسياط أحب إلي من أن آكل قصعة خل وزيت ، ولأن آكل قصعة خل وزيت أحب إلي من أن يولد لي غلام " .
قال : وسمعت
أبا سليمان يقول : " كل من
كان في شيء من التطوع يلذ به فجاء وقت فريضة فلم يقطع وقتها لذة التطوع فهو في تطوعه مخدوع " .
قال : وسمعت
أبا سليمان يقول : "
ليس ينبغي لمن ألهم شيئا من الخير أن يعمل به حتى يسمعه في الأثر فإذا سمعه في الأثر عمل به ، وحمد الله عز وجل على ما وفق من قلبه .
قال : وسمعت
أبا سليمان يقول : "
يعرض الله عز وجل يوم القيامة على ابن آدم عمره من أوله إلى آخره ساعة ساعة يقول : ابن
آدم أتت عليك ساعة كنت تطيعني ، وساعة كنت تذكرني ، وساعة كنت غافلا " .
قال : فقلت
لأبي سليمان : " يكون في القلوب من يثاب على الطاعة قبل أن يدخل فيها ؟ قال : " ويحك ، وأين
القلب الذي يثاب قبل أن يطيع ، ذاك يعاقب قبل أن يعصي " .
قال : وسمعت
أبا سليمان يقول : " لو أن المؤمن أعطي شهوته من الجوع لتفسخت أعضاؤه ، وما في الأرض أحب إلي من أن ألفى المئونة فيحدث الرجل وأنا أسمع ،
ولربما حدثني الرجل بالحديث ، وأنا أعلم به منه فأنصت له كأني ما سمعته ، ولربما مشيت إلى الرجل
[ ص: 270 ] وهو أولى بالمشي مني إليه ، ولقد
كنت أنظر إلى الأخ من إخواني فما يفارق كفي كفه أجد طعم ذلك في قلبي " .
حدثنا
أبو عمر محمد بن عبد الله ، ثنا
محمد بن عبد الله بن معروف ، قال : قرأت على
أبي علي سهل بن علي الدوري ، ثنا
أبو عمران موسى بن عيسى ، قال : سمعت
أبا سليمان ، يقول : "
تحذر من إبليس بمخالفة هواك ، وتزين له بالإخلاص والصدق ، وتعرض للعفو بالحياء منه والمراقبة ،
واستجلب زيادة النعم بالشكر واستدم النعمة بخوف زوالها ، ولا عمل كطلب السلامة ولا سلامة كسلامة القلب ، ولا عقل كمخالفة الهوى ، ولا فقر كفقر القلب ، ولا غنى كغنى النفس ، ولا قوة كرد الغضب ، ولا نور كنور اليقين ، ولا يقين كاستصغار الدنيا ، ولا معرفة كمعرفة النفس ، ولا نعمة كالعافية من الذنوب ، ولا عافية كمساعدة التوفيق ، ولا زهد كقصر الأمل ، ولا حرص كالمنافسة في الدرجات ، ولا عدل كالإنصاف ، ولا تعدي كالجور ، ولا طاعة كأداء الفرائض ، ولا تقوى كاجتناب المحارم ، ولا عدم كعدم العقل ، ولا عدم عقل كقلة اليقين ، ولا فضيلة كالجهاد ، ولا جهاد
كمجاهدة النفس ، ولا ذل كالطمع ، ولا ثواب كالعفو ، ولا جزاء كالجنة " .
حدثنا
إسحاق بن أحمد ، ثنا
إبراهيم بن يوسف ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12208أحمد بن أبي الحواري ، قال : قلت
لأبي سليمان :
يتفكر الرجل في أمر الآخرة فيكون الغالب عليه منها الحور ، قال : " إن في الآخرة ما هو أكثر من الحور ، يخرجهن من القلب " ، قلت : وإذا رجع إلى الدنيا كان الغالب عليه النساء قال : " لأنه ليس في الدنيا ألذ من النساء " .
حدثنا
محمد بن جعفر ، ثنا
عبد الله بن محمد بن يعقوب ، ثنا
أبو حاتم ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12208أحمد بن أبي الحواري ، قال : سمعت
أبا سليمان ، يقول : "
أغلق علي باب الحور فما يفتح لي بعد أن نظرت إليهن بسنين " ، فقلت
لأبي سليمان : رجل ذكر القيامة فمثل له الناس قد حشروا وعليهم الثياب ، قال : " كذا توهمهم ، ولو توهمهم يبعثون لرآهم عراة ، إنما يمثل القلب على قدر ما يسمع الحديث أو على قدر ما يتوهم " .
حدثنا
محمد ، ثنا
عبد الله ، ثنا
أبو حاتم ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12208أحمد بن أبي الحواري ، قال :
[ ص: 271 ] سمعت
أبا سليمان ، يقول : " كان
شاب يختلف إلى معلم له يسأله عن الشيء فلا يجيبه ، فجاءه يوما فقال : إني كنت جالسا على سطح لنا فتفكرت فإذا أنا في البحر قد رفع علي عمود من ياقوت ، فقال له بعد : سل حاجتك " ، قال
أحمد : أي حين أخبره بما رأى احتمل أن يخبره .
قال : وسمعت
أبا سليمان يقول في الرهبان : " ما قووا على ما هم فيه من المفاوز والبراري إلا بشيء يجدونه في قلوبهم ؛ لأنه قد
تعجل لهم ثوابهم في الدنيا ؛ لأنهم ليس لهم في الآخرة ثواب " .
حدثنا
محمد ، ثنا
عبد الله ، ثنا
أبو حاتم ، ثنا
أحمد ، قال : سمعت
أبا سليمان ، يقول : " من
عمل شيئا من أنواع الخير بلا نية أجزأته النية الأولى حين اختار الإسلام على الأديان كلها ؛ لأن هذا العمل من سنن الإسلام ، ومن شعائر الإسلام " .
قال : وسمعت
أبا سليمان يقول : " ما أتى من أتى إبليس ، وقارون وبلعام إلا أن أصل نياتهم على غش فرجعوا إلى الغش الذي في قلوبهم ،
والله أكرم من أن يمن على عبد بصدق ، ثم يسلبه إياه " .
قال :
وسمعت أبا سليمان يقول في القدرية : " ويحك أما رضوا والله أن يشركوا أنفسهم والشيطان معهم حتى جعلوا أنفسهم والشيطان أقوى منه ؟ وزعموا أن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق لطاعته فجاء إبليس فقلبهم إلى المعصية ، ويزعمون أنهم إذا أرادوا شيئا كان ، وأن الله إذا أراد شيئا لم يكن " ، ثم قال : " سبحان من لا يكون في الأرض ولا في السماء إلا ما أراد " .
قال : وسمعت
أبا سليمان يقول : " إنما آتي أنا وأنت مأتى من التخليط نقوم ليلة وننام ليلة ، ونصوم يوما ونفطر يوما ، وليس يستنير القلب على هذا " ، قال
أبو سليمان : "
وللدوام ثواب " .
حدثنا
إسحاق بن أحمد ، ثنا
إبراهيم بن يوسف ، ثنا
ابن أبي الحواري ، قال : سمعت
أبا سليمان ، يقول : "
لترك الشهوات ثواب وللمداومة ثواب ، وإنما أنا وأنت ممن يقوم ليلة وينام ليلتين ، ويصوم يوما ويفطر يومين ، وليس تستنير القلوب على هذا " .
حدثنا
إسحاق ، ثنا
إبراهيم ، ثنا
أحمد ، قال : سمعت
أبا سليمان ، يقول : "
كم بين من هو في صلاته لا يحس - أو قال : لا يشعر - من مر به وبين آخر يتوقع [ ص: 272 ] خفق النعال حتى يجيء من ينظر إليه " .
حدثنا
إسحاق ، ثنا
إبراهيم ، ثنا
أحمد ، قال : قال
صالح لأبي سليمان :
يا أبا سليمان بأي شيء تنال معرفته ؟ قال : " بطاعته " ، قال : فبأي شيء تنال طاعته ؟ قال " به " .
حدثنا
إسحاق ، ثنا
إبراهيم ، ثنا
أحمد ، قال : سمعت
أبا سليمان ، يقول : "
كنت بالعراق أعمل وأنا بالشام أعرف " ، قال : فحدثت به
سليمان ابنه فقال : معرفة أبي الله
بالشام لطاعته له
بالعراق ، ولو ازداد لله
بالشام طاعة لازداد بالله معرفة .
حدثنا
إسحاق ، ثنا
إبراهيم ، ثنا
أحمد ، قال : سمعت
أبا سليمان ، يقول : "
من حسن ظنه بالله ممن لا يخاف الله فهو مخدوع " .
وقلت
لأبي سليمان : قد جاء في الحديث : من
أراد الحظوة فليتواضع في الطاعة ، فقال لي : " وأي شيء التواضع في الطاعة ؟ أن لا تعجب بعملك ؟ " .
قال : وسمعت
أبا سليمان ، يقول : "
العارف إذا صلى ركعتين لم ينصرف منهما حتى يجد طعمهما ، والآخر يصلي خمسين ركعة - يعني من ليس له معرفة - لا يجد لها طعما " .
حدثنا
إسحاق ، ثنا
إبراهيم ، قال : سمعت
أبا سليمان ، يقول : " سمعت
أبا جعفر يبكي في خطبة قال : فأشعلني الغضب وحضرني نية في أن أقوم إليه فأكلمه بما سمعت من كلامه ، وبما أعرف من فعله إذا نزل ، وقال : ثم
تفكرت في أن أريد أقوم إلى خليفة فأعظه ، والناس جلوس فيرمقوني بأبصارهم فيداخلني التزين فيأمر بي فيقتلني فأقتل على غير تصحيح ، قال : فجلست وسكنت " .
قال : وسمعت
أبا سليمان ،
وأبا صفوان يتناظران في
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز وأويس ، فقال
أبو سليمان لأبي صفوان : " كان
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز أزهد من
nindex.php?page=showalam&ids=12338أويس " ، فقال له : ولم ؟ قال : " لأن
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز ملك الدنيا فزهد فيها " ، فقال له
أبو صفوان :
وأويس لو ملكها لزهد فيها مثل ما فعل
عمر ، فقال
أبو سليمان : " أتجعل من جرب كمن لا يجرب ؟ إن من جرب الدنيا . . . على يديه وإن لم يكن لها في قلبه موقع " .
[ ص: 273 ] حدثنا
إسحاق ، ثنا
إبراهيم ، ثنا
أحمد ، ثنا
أبو سليمان ، قال : "
بينما عابد في غيطته على الخلاء إذ هبت الريح فتناثر ورق الشجر فنقر إبليس قلبه ، فقال : من يحصي هذا ؟ قال : فنودي من خلفه : (
ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) ؟ ! " .
قال : وسمعت
أبا سليمان يقول : " إنما
الغضب على أهل المعاصي عندما حل نظرك إليهم عليها فإذا تفكرت فيما يصيرون إليه من عقوبة الآخرة دخلت الرحمة لهم القلب " .
حدثنا
إسحاق ، ثنا
إبراهيم ، ثنا
أحمد ، قال : كنت إذا
شكوت إلى أبي سليمان قساوة قلبي أو شيئا قد نمت عنه من حزبي أو غير ذلك قال : " بما كسبت يداك ، وما الله بظلام للعبيد ، شهوة أصبتها " .
قال : وسمعت
أبا سليمان ، يقول في قوله تعالى : (
كل يوم هو في شأن ) ، قال : " ليس من الله شيء يحدث
إنما هو في تنفيذ ما قدر أن يكون في ذاك اليوم " .
حدثنا
إسحاق ، ثنا
إبراهيم ، ثنا
أحمد ، قال : سمعت
أبا سليمان ، يقول : "
إن في خلق الله تعالى خلقا لو ذم لهم الجنان ما اشتاقوا إليها فكيف يحبون الدنيا وهو قد زهدهم فيها ؟ " ، فحدثت به
سليمان ابنه ، فقال : لو ذمها لهم ؟ قلت : كذا قال أبوك ، قال : والله لو شوقهم إليها لما اشتاقوا فكيف لو ذمها لهم ؟
حدثنا
إسحاق ، ثنا
إبراهيم ، ثنا
أحمد ، قال : سمعت
أبا سليمان ، يقول : "
ليس الزاهد من ألقى غم الدنيا واستراح فيها ، إنما الزاهد من ألقى غمها وتعب فيها لآخرته " .